كنت أتابع نشرة العاشرة مساء في التلفزيون القومي ووجدتني فجأة أغط في نوم عميق.. لم أستيقظ إلا على «صراخ» غير عادي، «دعكَت» عينَّي ووضعت النظارة لأتبين المشهد أمامي فاذا بالسيد علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية منتصباً، وخلفه يجلس البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم، وهو يضع يده على خده ويتابع في اندهاش!! لأول مرة أشاهد الأخ علي منفعلاً بل متشنجاً.. وهو يرغي ويزبد أمام أعضاء المجلس الوطني.. أدركت مع المتابعة أنه يستعرض مرتبه كدستوري ونائب أول.. انتهى بقوله: «عشان ما تكون هناك مزايدة أو متاجرة على قانون مخصصات الدستوريين!» مما حدا برئيس البرلمان الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر إلى القول ضاحكاً «النائب الأول كشف حالنا»!! أقول لأخينا العزيز «الشيخ علي» وقد كنا أنداداً يوماً ما في مجلس شعب نميري، هو رئيس اللجنة القانونية، وأنا رئيس لجنة الزراعة والرَّي «والأخ الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر عضو عادي»!! أقول لشيخ علي كم مجلس في السودان الجديد سودان الجمهورية الثانية بعد استقطاع الجنوب؟؟ آخرها «مجلس السلامة الحيوية». كم مجلس رئيسه الشيخ علي عثمان؟! طبعاً يندر أن يكون عضواً عادياً والله أعلم.. وكم الدَّخل من هذه المجالس؟ لا أريد أن أدخل في تفاصيل موارد النائب الأول من الدولة! والتي حتماً تساوي أكثر من ضعف مرتبه كدستوري. كتبت الصحف مطالع التسعينيات «القرن الماضي» عن الأخ «في الله» السعيد عثمان محجوب، أنه كان إما عضواً أو رئيساً لما يناهز الثلاثين مجلساً إدارة «فلوس.. فلوس». الأخ السعيد الآن بدرجة وزير مسؤول عن وضع إستراتيجية ولاية الخرطوم، انتقد الإستراتيجية بحدةٍ وشدةٍ ومن خلال أول اجتماع لها.. الأستاذ عثمان ميرغني لم يرد على ما جاء في «حديث المدينة» لا السعيد المعني مباشرةً، ولا السيد الوالي. وهل الأخ السعيد من بين ال«70%» من الدستوريين الذين سيغادرون؟؟ الله أعلم! نعود لموضوعنا الأساسي في عنوان المقال والذي ردَّده الأخ النائب الأول أمين عام الحركة الاسلامية في لقاءات شورى حزب المؤتمر الوطني، قالها لافض فوه «أما أن نقود هذه الدولة أو ننقاد!!» وأنا أقولها بالصَّوت العالي ومن خارج دائرة الشورى لأنني لست عضواً فيها «قبل سنتين ونيف تم تصعيدي مع عشرة آخرين فيهم الوزير عيسى بشرى والمستشار بابكر حاج موسى- وعند اعلان النتيجة من المنصة جاءت إشارة من د. نافع يبعد اسم حربي لأنه تنفيذي- كنت حينها مديراً عاماً للهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس!!». أقول بالصوت العالي يا شيخ علي ويا د. نافع لنْ ولنْ ««ننقاد»، ولا رجعة ليحكمنا أبو كلام، وأبو ناعم، ومن يدور في فلكهم.. لن تحكمنا الشيوعية ولا البعثية أو العبثية ولا الجبهة الثورية. إذن نقود الدولة يا علي، ولكن بالمعايير التالية؛ نقول للشعب الطيب: «لقد وُلينا عليكم ولسنا بخيركم، أطيعونا ما أطعنا الله فيكم. اذا أحسنا فساندونا وإن اخطأنا فقومونا» ، «المظاهراتُ السلميةُ وسيلةٌ!!» عليكم بالعدل بين الرعية.. «.. وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل..» الآية «58» النساء. إياكم والظلم فإنه ظلمات يوم القيامة. وتذكروا أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب تواضعوا لله فمن تواضع لله رفعه الله. إياكم والكبر فإنه «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر». تأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا» آية «21» الأحزاب. غيروا سلوككم الانتقائي. سيروا بين البُسَّطاء، وزاحموهم في المركبات العامة!! كلوا معهم الطعام وامشوا في الأسواق؛ وانشروا بين التجار ثقافة «رحم الله عبداً سمحاً، إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً، إذا اقتضى» لا ترجموا التِّجار بالحجارة ولا تقذفوهم ببذيء الكلم، فالصَّالح والطَّالح والمنافق كلهم كان في مجتمع المدينة وفي حضرة سيد الأمة. عليكم بالدعوة إلى الإصلاح «.. إن أريد الاصلاح ما استطعت..» آية «88» هود. وأطيعوا الله- أخي علي- واطيعوا الرسول واحذروا.. نعم أخي الكريم- نؤيدكم ونبارك لكم قيادة الدولة مع دعوتنا وحثَّنا لكم- راجين غير آمرين: «اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً» ينصلح- بإذن الله- حال البلاد والعباد.. إنك معني بالرِّسالة مباشرةً، لموقعك السِّياسي والاجتماعي. ونخاطب من خلالك الأخ المشير، والمكتب القيادي للحركة والحزب!! حاشية: أخي الرئيس أنَّا على بيعة لكم لبسط الشورى والعدل وإقامة الدين والطاعة في المنشط والمكره، الوعود الأخيرة في مستوى الحزب، وأمام نواب الشعب، ترَّجِموها بياناً بالعمل. لا نِكوص ولا خِداع ولا تمنيات أو أحلام. سدَّدوا وقارِّبوا. وأحْسِّنوا إلى هذا الشعب الصبور، الذي منحكم حبه. اتقوا الله وكونوا مع الصَّادقين.. وأعلموا أنَّ «لعْنَّة اللِّهِ على الكَاذِّبِين» ألا هلْ بلغتْ اللَّهُم فأْشهدْ