وما زالت أسئلتنا تتراقص في مسرح أهل الإنقاذ.. كشمعة الكابلي تلك التي في رقيصها حكاية.. أما كل سؤال من أسئلتنا.. تظلله علامات العجب.. وتغلفه سحائب الدهشة.. واليوم نحن في سؤال ظل يمطر أمطاراً من الدهشة والعجب.. السؤال هو كيف يستطيع المرء أن يكون وزيراً لثلاث وعشرين سنة بلا توقف ولا انقطاع.. وأي قوة خارقة تلك التي تفور وتمور في صدر ذاك الوزير أو المسؤول أو المستشار أو حتى المساعد.. والإجابة على هذا السؤال.. جلية ساطعة وهو الذي وصلنا إليه الآن.. بل الذي وصلت إليه الإنقاذ الآن.. والإجابة هي تلك التي تهب من خارج أسوار الوطن.. بل حتى من خارج أسوار الشرق الأوسط أجمع.. تهب من القارة العجوز أوربا.. تهب من الولاياتالمتحدة.. ومن كل دول تضيء عواصمها الآن سماء الدنيا.. تلك التي تسببت سحب مداخن مصانعها العملاقة الهائلة في احداث ثقب الأوزون.. هناك- أحبتي- لا يستمر الوزير وزيراً إلا لأربع أو خمس سنوات فقط.. والفلسفة في هذا أربع أو خمس سنوات كافية تماماً له للإبداع والإنجاز.. وإن الخيال والذي هو ضروري ومهم في صنع النجاح.. يصاب بالضمور والرتابة والخمول بعد أربع أو خمس سنوات.. والآن يجب أن تدرك الإنقاذ.. أن بقاء هؤلاء في أماكنهم لربع قرن من الزمان.. هو سبب قوي من أسباب الزلزال الاقتصادي الذي تواجهه وتجابهه الآن.. وحتى وإن اعتبرت الإنقاذ حديثنا ينطلق من ضفة معارضة.. أو نفس حاقدة وحاسدة.. عليها أن تدرك أننا قد أصابنا السأم والملل من هذه الوجوه المقررة علينا.. المفروضة علينا جبراً وقسراً.. وبالمناسبة وكلام هامس.. بل «كلام في أضانكم».. إن الشعب لا يعرف إنجازاً ولا رأى طحيناً من كل تلك «السلسلة الماسية» من إخوانكم الوزراء غير ثلاثة أو أربعة «بالكتير».. هم الذين قدموا جهداً سخياً للبلد.. بل أنجزوا في صمت.. و«حكمة الله».. كانوا يعملون في جد بلا ضوضاء ولا فلاشات تصوير وبلا تصريحات.. وحتى بلا هتافاتكم المعهودة تلك التي يستعيض بها بقية الوزراء عن إخفاقهم في وزاراتهم مثل «هي لله» لا للسلطة ولا للجاه.. ومالك يا نفسي تكرهين الجنة.. إنهم تالله يحبون الدنيا حباً ملك عليهم نفوسهم.. لن نسمي هؤلاء الوزراء الثلاثة أو الأربعة المبدعين المنتجين.. لأنهم معروفون تماماً.. فقط لأن أعمالهم تقف منتصبة لكل ذي عينين.. يراها حتى أولئك المعارضين مثلي. سؤال بريء.. هذا صفكم الأول.. ذاك الذي ظل على مسرح السياسة لربع قرن من الزمان.. حفظنا ليس سماتهم وملابسهم فقط.. بل حفظنا حتى بصمات أصواتهم.. السؤال هذا صفكم الأول.. أين صفكم الثاني وأنتم تخططون لحكم البلد منذ ستينات القرن الراحل. والآن نحن في عتبات الخروج أو الوداع.. ونعود إلى الذي بدأنا به أولاً.. بل نعود إلى عنوان موضوعنا الذي تناسل حتى صار ثلاث حلقات.. نعود إلى طلبنا منكم حسم وإيقاف الفوضى.. وكنا نود أن نحدثكم عن «فوضى» تثير الضحك والشفقة وأحياناً الرثاء.. إلا أن الله الكريم الوهاب قد وهبنا موضوعاً صارخاً عن الفوضى.. والفوضى حدثت قبل أقل من أسبوع في ساحة أكثر الأماكن وقاراً وانضباطاً أو يجب أن تكون.. حدثت تحت قبة البرلمان ووزير المالية وقبل أن يجيز الأعضاء المحترمون الميزانية.. قام بتطبيق جزء من أركان الميزانية مستبقاً قرار المجلس بتطبيق زيادة المحروقات فوراً.. صحيح إنها فوضى.. ولكنها أقل إعصاراً من فوضى قامت بها قيادة المجلس عندما أعلن مولانا رئيس المجلس أنه يتحمل هذا الخطأ.. بل إنه وافق الوزير بتطبيق الزيادة على المحروقات قبل إجازة الميزانية.. ونسألكم بحق السماء.. بحق من بعث الرسول «صلى الله عليه وسلم» هادياً وقائداً ومبشراً.. هل سمعتم بفوضى مثل تلك منذ أن خلق الله الأرض.