قال محمد الماغوط إن الطغاة مثل الأرقام القياسية لابد أن تتحطم ومع ذلك قبل أن تتحطم ترسل إنذاراً.. وقبل أن تتهاوى تقول أدركوني أدركوني. لنأخذ الحالة السورية مثلاً لم تنظر إلى الحالة التونسية أو المصرية.. ربما نظرت إلى الحالة الليبية.. بدأت الحكاية بمجرد مناداة بالإصلاح والتغيير تحت مظلة القياده .. لكن القادة يتلكأون .. وربما لا يتعظون أيضاً.. فأصبحت المناداة بإسقاط النظام.. وفي التوثيق الفني نجد أننا في السودان وقفنا أمام الطغاة حتى مع انتصارهم وسحقونا بلا رحمة لكن.. كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية.. هذا حق ما لان فرسان لنا بل فر جمع الطاغية.. صحيح لم يلن الفرسان ولكن جمع الطاغية لم يفر.. جثم على صدورنا عقوداً جسام.. بيد أننا مع ذلك ظللننا نسخر من الطغاة دوماً.. الباشا الغشيم (قول لي جدادك كر).. في ظل سطوته وجبروته ونرد له الصاع صاعين (حريق المك في قلب الدخيل) ولا يهم إن رد لنا الصاعين ألوفاً.. فقد كانت المبادأة لنا رحمنا الله ونحن أمة عندها كبير الجمل.. والجمل كان طاغية بصورة أو بأخرى وذلك عبر حكاية عمالية تقول: لما لقبوا الجمل بسفينة الصحراء بدأ يغتر وهو يعبر الصحارى في صبر واحتمال.. شابه الغرور حتى أصبح طاغية يصيح أنا قاهر الرمال.. أنا ساحق الرمال ويضحك ويرقص ويسخر من حبات الرمال الصغيرة.. أصبحت تحتمل صلفه وغروره عسى أن يعود سوياً.. لكنه تمادى.. قالت حبة رمل: يجب أن نهاجم هذا الجمل المغرور الطاغية.. ولكن لابد أن يكون الهجوم جماعياً.. كلنا نهب في وقت واحد فلا نصبح حبات رمال.. نصبح عواصف ورياح.. وهجموا على الجمل.. وغطوا على عينيه فأخذ يترنح حتى سقط.. فكتمت حبات الرمال على أنفاسه.. عندما اجتاحت المظاهرات إيران كان (الشاه) لا يصدق حتى حملوه بطائرة هيلكوبتر وصاح وهو يطل من عل! أكل هؤلاء ضدي.. التقارير لم تقل ذلك .. !! الآن تقف أمريكا ضد الطغاة.. وفي قناة الحرة في برنامج (من واشنطون) استضافوا خبيراً أمريكيا وصحافياً مع خبيرة أمريكية.. وقالوا إن ما تقوله أمريكا على الملأ هو ليس ما تفعله حقيقة.. وإنها لها خطاب بينها وبين الطغاة.. ولها خطاب مع الشعوب.. ومن ينتصر على الآخر استحق التأييد.. ولما أصبحت أخيراً الكفة الراجحة هي كفة الشعوب.. فإنها مضطرة إلى الوقوف بجانبها.. مضحية بولاء الطغاة الكبير.. محذرة في ذات الوقت الطغاة الجدد الذين يحسبون أنهم في حماية أمريكا وما أن يقول الشعب كلمته.. فسرعان ما يحملونهم المسؤولية كاملة.. ويتبرأون منهم.. لذلك فنحن نشهد قليلاً قليلاً زوال الطغاة تماماً.. وقهر الشعوب بطريقة ناعمه ومافيش فايدة!!