يحكى أن فقيراً.. ولد فقيراً.. لأن فقيراً بذات مساء سعى نحو حضن فقيرة فاطفأ فيها مرارة أيامه القاسية.. ذلكم الفقير ذهب إلى الطبيب شاكياً من سوء الهضم وربما قلة الهضم وعندما كتب له الطبيب الروشتة قال له امتنع مؤقتاً عن أكل اللحوم والحمام والكبدة والبطيخ فقال له يادكتور أنا لو قاعد آكل ديل ما كنت عييت ولا مرضت !! هذه القصة مقرونة مع حكاية طريفة «قديمة لنج» عن تلميذة من بنات الأثرياء وطُلب منها في حصة الإنشاء كتابة موضوع عن أسرة فقيره فكتبت كانت هنالك أسرة فقيرة.. الأب فقير.. والأم فقيرة والشغالة فقيرة وسائق عربتهم فقير .. وبستاني حديقتهم فقير.. هاتان الطرفتان ذكرتاني بالدأب في المقاطعة التي ارتفع سقفها.. لمحاربة الغلاء الذي ارتفع سقفه هو الآخر فشملت المقاطعة اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض والطماطم.. الطريف أنه يقال إن الكهرباء زادت بالدس عرفت ذلك.. من رسالة صديقى الطالب الصحافي: السمانى محمد قال فيها:- «حماية المستهلك تقاطع البيض والطماطم طيب زيادة الكهرباء نعمل فيها شنو؟» والمقارنة بين طرفة المريض والتلميذة وخبر المقاطعة.. إنها بصراحه تطلب المستحيل منا وأن نكون نصف نباتيين.. وهذا النصف أضاعته مقاطعة الطماطم فهي البديل النباتي الأول.. والممكن تطويعه كبديل للحم «بالدكوة أو بالجبن أو بالبصل والزيت» .. هكذا إذن علينا أن نقاطع كل شيء إبان مايو ابتكر نميري ظاهرة «الحل في الحل» بمعنى أي مؤسسة أو شلة أو قيادة «تدغمس» معاه يقوم بحلها.. الآن ناس حماية المستهلك جاءوا ببدعة المقاطعة وإذا استمر تفكيرها بهذه الطريقة ستطالب الشعب كله في الخطوة القادمة بمقاطعة الطعام.. فبعد زيادة سلع لا يمكن مقاطعتها مثل الكهرباء والمياه فإنه لا يوجد حلاً سوى إضراب المواطن عن الطعام.. بذلك تدخل جمعية حماية المستهلك التاريخ كأول جمعية تقترح مقاطعة الشعب للطعام.. وطبعاً لا يمكن ممارسة الإضراب عن الطعام في رمضان لكن من العيد وإنت طالع.. تخيلوا الشعب السوداني كلو مقاطع الطعام.. لكن لابد من الإعلان عن ذلك بالجلوس قدام خشوم البيوت .. حتى تعرف سيماء المقاطعة على وجوههم وستحتار القنوات الفضائية في تقديم أي ضرب من المضربين عن الطعام.. بل لن تحتار ستجد مادة على رأس الساعة.. ولقاءات مع المقاطعين والمقاطعات .. والناس تشتغل .. مجلس قيادة مقاطعة الطعام.. لجنة التنسيق.. ولجنة المتابعة وستملأ الأخبار الفضائيات.. وستتابع ضحايا مقاطعة الطعام من المغمى عليهم والماتوا.. هذا طبعاً إذا لم تنجح في ترويض الأسعار وكبح جماحها فإن الجمعية ستقترح علينا بكل هدوء: مقاطعة الحياة ذاتها!!