زاوية حادة قاطعوا كل شيء ما عدا الأوكسجين جعفر عباس أعلنت عبر صفحتي في فيسبوك عن تضامني مع حملة مقاطعة اللحوم، وتعهدت ? صادقا - بعدم شراء أو أكل اللحم طوال الفترة التي حددتها جمعية حماية المستهلك، كل ذلك وأنا مدرك لحقيقة أن تضامني مع الحملة، وبحكم أنني أعيش خارج السودان، رمزي، لأن نجاح المقاطعة يتوقف على صمود ضحايا مافيا السلع الاستهلاكية، وعدم التحايل على المقاطعة بتخزين اللحوم قبل موعد بدء الحملة، وليتني أجد إجابة على السؤال: لماذا تباع اللحوم السودانية في قطر بأقل من نصف قيمتها في بلد المنشأ؟ لحم الضأن السوداني يباع في قطر بنحو 16 جنيها، ولا شك في أن هذا المبلغ «مربح» لمصدري الضأن بعد حساب كلفة الشحن والترحيل الباهظة، وقيمة العلف للبهائم طوال رحلة التصدير التي تستغرق نحو شهر، علما بأن النعاج لا تعرف الشبع، ومعروف أنه يتعذر ترحيلها إلى الخارج بالرقشات!! يعني إذا كان تاجر المواشي يربح من بيع كيلو اللحم الضأني بما يعادل 16 جنيها في قطر فلماذا يصر هذا التاجر على بيع سلعته محليا بضعف ثمنها في الخارج؟ وبالمناسبة فان سعر الخروف السوداني في قطر حاليا نحو 700 ريال (وحاليا يساوي الريال جنيها واحدا.. بعد حذف أصفار الاستهبال)، بينما يباع الخروف السوري في قطر ب1500 ريال، ولا أظن انه يتم تصدير الخراف السورية بال»دي إتش إل»، أو على الدرجة الأولى بالطائرة، وقيمة الخروف المصري في الخليج أعلى من قيمة الخروف السوداني بنحو 100 دولار، ومصر تستورد الخراف وكافة أنواع المواشي و.. عليك نور، وكلك نظر!! وجاءت معظم المداخلات على إعلاني التضامن مع حملة مقاطعة اللحوم في فيسبوك تهكمية: نحن طبيعي مقاطعين اللحوم!! حاولنا نبقى نباتيين ولكن الخضروات الضرورية تكاد تكون في نفس سعر اللحوم!! مع الطماطم والبصل يا ناس شوفوا لي حلل!! كان الأستاذ التوم الطالب رحمه الله والذي زاملته في التدريس في سنار الثانوية يقول كلما مر أمام الفكهاني ورأى العنب والتفاح والرمان: صبرا فإن موعدنا الجنة!! فهل صار حلم السوداني أن يدخل الجنة ليأخذ كفايته من «السلطة»؟ إلى عهد قريب كانت السلطة «تصبيرة» متاحة لكل الناس: طماطم مع البصل والملح والشمار والزيت يتم عجنها مع الكسرة، ولو «أديتها شطة» تشرب ما تروى، وكان الواحد منا نحن أبناء الأرياف يجد في كل الأوقات حبات طماطم في متناول اليد ويقضم منها ما يشاء وقتما يشاء، ولو حاول صبي في يومنا هذا تناول حبة طماطم لسمع كلاما من شاكلة: الطمام ال... الطماطم ده لأمك بتتوحم عليه إذن لتكن الحملة التالية لجمعية حماية المستهلك لمقاطعة الخضروات، لكذا يوم يعيش خلالها المواطن وهو «ياكل في خاطره».. ثم مقاطعة البنزين وكافة المحروقات، لأن أسعارها هي أس البلاء وأصل الداء ، وهكذا يتم وضع جدول زمني لمقاطعة معظم السلع، وكنت سأقترح مقاطعة الأدوية التي تباع في الصيدليات، ولكنني تذكرت أن معظم أفراد الشعب يقاطعونها سلفا، بعد رد الاعتبار للحلبة والقرض والحرجل والحنظل.. طبعا أكبر سلعة جديرة بالمقاطعة هي الماء الحكومي، ولكن المصيبة هي أنك ستدفع قيمة استهلاكه حتى لو توقفت عن استخدامه طلبا للسلامة التقيت مؤخرا ببريطاني كان ضمن الفريق الذي درسنا على يديه إخراج البرامج التلفزيونية في لندن في السبعينيات، وفاجأني بقوله إنه زار الخرطوم مؤخرا كسائح واستمتع بطعم الماء، فسألته: ماء الحنفية؟ فأجاب: نعم بما فيه من طحالب وشوائب، فقد عملت من قبل في عدد من الدول الأفريقية وعودت جهازي الهضمي ومسالكي البولية على الشدائد، حتى تصالحت مع الطفيليات والباكتيريا، بينما أنتم في السودان «دلوعين» وتشكون من تلوث المياه!! فسألته: أنت مؤتمر وطني أم متوالي أم متعافي؟!! الرأي العام