عندما أعلنت إدارة المرور بالبلاد عن قرارها بمنع تظليل السيارات بما فيها سيارات الدستوريين.. قلتُ إن القرار لن يتجاوز في تنفيذه عامة الناس وإنه لن يطال الدستوريين الذين شملهم القرار مع العامة.. وهذا ماحدث بالفعل وذلك بسبب قناعة كبار المسؤولين بالدولة من وزراء ومستشاريين و ولاة ومعتمدين و مديري مؤسسات حكومية بالتظليل. فالكل عند تعيينه يكون أول توجيه يصدره أن يتم تظليل السيارة في يومها الأول-أي لا تنفذ العيون لترى ما بداخلها، ويحدث ذلك برغم من قرارات المرور وبرغم عدم وجود مبرر واحد لتظليل سيارات المسؤولين الذين يريدون أن يرونا ولا نراهم، ولا يجد رجل المرور إلا أن يحيي قائد السيارة مضطراً «لبلع» توجيهات منع التظليل للكل. ولا أدري إلى متى يخالف الدستوريون والقيادات العليا القوانين ومن بينها قوانين المرور، ويرفضون أن يكونوا مثل العامة في الطرقات أو في حياتهم التي بها كثير من المدهشات.. فقد شاهدت من قبل وزير دولة بالثقافة يأتي بحرس ليقف أمام منزله!!.. وكثيرون يرفضون أن يمتطوا سيارة ركبها من سبقهم في الموقع، وكثيرون يغيرون الأثاثات التي جلس عليها من كان قبلهم ولا أقول تغيير طاقم المكتب، فهذه قد صارت من سنن القيادات. وقد روى عدد من أهل كردفان أن وزيراً بإحدى ولاياتها اشتري كلباً للحراسة بمبلغ «3» مليون وظل يقيم في فندق بإيجار يومي، و صان حمام المنزل بالملايين، فإن صدقت الرواية فهذه من العجائب. وكذلك الحال في الجنوب فالطائرات رابضة في المطار، وقال لي أحدهم إن كل طائرة منها تتحرك بأمر وزير محدد.. ياعيني على الراحة والرفاهية. والأمثلة تطول والواقع يقول إن رئاسة الجمهورية مطلوب منها التشدد في إيقاف مثل هذه الممارسات.. فالتظليل يجب أن يكون لسيارات رئيس الجمهورية ونائبيه ووزيري الدفاع والداخلية فقط، أما ما عداهم فلا شيء يجب أن يحجبهم.. كما أن أي شيء يشغل المسؤول بعضاً من الوقت عن هموم الجماهير يجب أن يُلغى حتى نقدم القدوة في فترة اختار فيها المواطن المؤتمر الوطني ورئيسه البشير لحكمه.. واختار البشيرُ من يرى من القيادات أنهم سينفذون برنامجه الذي طرحه وفاز به على الآخرين، وذلك البرنامج الذي يجب أن ينكب الجميع على تنفيذه وترك الانشغال بوجاهة المناصب لتأكيد أهليتهم للاختبار الذي جاء من الرئيس في رهانه عليهم. ü أخيراً.. دعونا نركز في هذه المرحلة التي جاءت فيها الحكومة بأمر الشعب عبر صناديق الاقتراع على أن نولي كل الاهتمام للشعب، وأن يرتقي الجميع لهذا الأمر المهم ولا نرى في الحكومة من يكادون يسقطون من شدة التعب ورهق العمل ومن هم في وادي الوجاهة هائمون في المرحلة البالغة التعقيد!!