فى تسعينيات القرن الماضى نظمت الحكومة مؤتمراً فى قاعة الصداقة بغرض إمكانية الإستفادة من المغتربين ....وقد خلص المؤتمر الى دعوة الأطباء والمهندسين والخبراء فى المجالات المختلفة الذين يعملون بالخارج الى العودة الى الوطن للمساهمة فى بناء البلاد ...... تلك الدعوة إستجاب لها عدد غير قليل من السودانيين حيث تركوا وظائفهم التى تدر عليهم أموالاً طائلة....وإلتحقوا بوظائف جديدة فى السودان علهم يسهمون فى نهضة البلاد ......بل أن بعضهم نقل إستثماراتهم فى الخارج الى داخل البلاد بينهم محمد عبدالله جار النبى الذى ينشط فى مجال النفط ....... لكن بعد سنوات رجع بعض المواطنين الى (بلاد الغربة) لأسباب مختلفة....... ولم تبحث الجهات التى طلبت من العودة الى الوطن ...أسباب (إغترابهم الثانى)..... والإغتراب (حسب إفادات المغتربين) لم يعد مجز مادياً كما كان فى السابق خاصة فى دول الخليج وذلك بسبب العمالة الآسيوية الكثيفة وإتجاده دول الخليج الى توظيف مواطنيها حيث أطلقت المملكة العربية السعودية خطة ل(سعودة) الوظائف......وتعليم وتدريب وتأهيل مواطنيها فى مؤسسات وجامعات عالمية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوربية............لكن ما أوردته صحيفة الصحافة فى عددها الصدار أمس من تلقى جهاز المغتربين ثلاثة آلاف طلبات تأشيرة خروج يومياً لمواطنين جلهم من خريجى الكليات العلمية والتقنية يعد مؤشراً خطيراً ويؤكد أن هناك خللاً فى توظيف الخريجين ....إذ لا يعقل أن تعلن الحكومة عن توجه جديد فى تشغيل الخريجين وتسقط بند (الولاء) وأعلنت عن (آلاف) الوظائف فى الخدمة المدنية خلال العامين الماضيين وأطلقت مشروعات وبرامج لأستيعاب الخريجين ....بينما تشكو الولايات من نقص فى الكوادر الطبية والمهندسين ومعلمى الأساس والثانوى ....بل أن بعض المؤسسات ظلت تشكو من أن وزارة المالية لم تفى بسداد مرتبات موظفيها (الجدد)........الهجرة الكبيرة للشباب والخريجين الى تشهدها البلاد يجب أن لا تنظر لها الحكومة بأنها من (إيجابيات) ثورة التعليم العالى التى أتاحت الفرصة للجميع لدخول الجامعات والتخرج فيها وأن (المغتربين الجدد) سيعودون للبلاد ب(العملة الصعبة) فقط.......فينبغى دراسة الحالة وإعادة هيكلة خريطة الدراسات الجامعية حتى تتسق مع حاجة السودان وإيجاد طرق لإستيعاب الخريجين وتشجيعهم للعمل فى الولايات.