راي:عبد الرحمن نور الدائم التوم التفاوض المطروح بين الحومة السودانية وقطاع الشمال بالحركة الشعبية يمثل مأزقاً حرجاً كبيرًا للحكومة وحزبها من عدة نواح،أبرزها ان مجرد التفاوض المباشر أو عبر وسيط، هو اعتراف بهذا الجسم السياسي الذي ظلت ترفض الاعتراف به الفترة الماضية، ويمثل أيضا إحراجاً كبيرًا لقطاع الشمال نفسه الذي تحول فجأة من شريك معارض فاعل في الساحة السياسية طيلة سنوات نيفاشا 200525/11م الي مجرد مخلب قط في يد دولة الجنوب الوليدة بعد ان تحقق لها الانفصال عن الدولة الأم }} دكتور صديق تاور الصحافة الغراء العدد { 6838} بتاريخ 9/8/2012م إن المحاولات الجارية الآن لتكرار سيناريو نيفاشا في اديس أبابا بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قطاع الشمال، ستكون مصيرها الحتمي تمزيق البلاد الي عدة دويلات وإلحاق جنوب كردفان والنِّيل الأزرق بدولة الجنوب الوليدة ,وفتح الباب علي مصراعيه لأسوأ السيناريوهات . المأزق الحقيقي في المشهد العام يتجلي في إستمرار ادعاء احتكار الحقيقة من الطرفين،وفي نفس الوقت إحتقار الشعب وعدم الاعتراف بقدراته علي ادارة شؤونه بالآليات الديمقراطية، ومحاولة تعمد آقصاء الآخرين والاستهانة والاستخفاف بمقدراتهم، ويتضح ذلك جلياً فيما جرى مؤخرًا في اديس ابابا حيث تعمدت الحكومة كعادتها اقصاء وابعاد القوي الأخرى، وحصرت وفدها المفاوض في عناصرها وقياداتها الضعيفة الهشة والتي ظلت تتبوأ أرفع المناصب لسنين عده دون اي إنجاز يذكر، وكل الاتفاقيات الثنائية التي وقعت بين المؤتمر الوطني من جانب (نافع)والحركة الشعبية والمنشقين عنها آنذاك (العمدة أبو شوتال) بتاريخ 21/12/ 1999م و(مالك عقار) بتأريخ 28/6/ 2011م (الإتفاق الإطاري ) في محور النيل الأزرق لم تلامس القضايا الحقيقية لأهل ولاية النيل الأزرق وبالرغم من ذلك لم تنفذ، ولم تحظي بأدنى إهتمام خاصة تلك التي وقعت مع أبوشوتال، وبالرغم من تنصل رئاسة الجمهورية، ورفضها وعدم قبولها لإتفاق(نافع / عقار) الاطاري، إلا ان الحكومة عادت لتبحث عنها الآن مما يؤكد تخبطها وعدم مبدأيتها، ومن خلال هذه التجارب المريرة ينبغي ان تدرك هذه الأطراف عجزها وعدم أهليتها، وفشلها في ايجاد الحلول الناجعة لقضايا الولاية وإنها لا تمثل أهل الولاية . وعلي أبناء الولاية الشرفاء الحادبين من كل الوان الطيف السياسي ومن كل الشرائح الاجتماعية والمكونات الاثنية إيقاف هذه الملهاة والفوضي والعبث والتصدي بجسارة وشجاعة، وطرح أراء وأفكار وبرنامج متكامل لانقاذ الولاية من أبنائها (العاقين القصر) وتحريرها من وصاية (نافع) الدائمة، وهذه هي الحلقة المفقودة والتي بدونها سوف لن يستقيم أمر هذه الولاية في المدي المنظور .وسوف لن تقوم لها قائمة طالما امرها وسد لغير المؤهلين من طالبي السلطة ونافخي الكير وبطانة السوء . وكل المطلوب هو ان تعترف الحكومة المركزية ان لأهل النيل الأزرق قضايا في التنمية المستدامة والخدمات الأساسية من(تعليم وصحة وطرق وجسور ومياه نقية وكهرباء) وظلم بائن وإنتهاك للحقوق في وضح النهار (متضرري تعلية خزان الروصيرص مثال صارخ، وعدم إنارة مدن وقرى، الولاية التي تبعد من تربينات توليد الطاقة الكهربائية كيلومترين فقط من الخزان الذي أُنْشأ عام 1961م) كلها قضايا لم تجد الحلول الناجعة والاهتمام المطلوب، ليس لصعوبتها واستحالة حلها، بل لغياب التخطيط والمنهج العلمي والافق الاستراتيجي واستشراء الفساد المالي والإداري والأخلاقي، وحصر محاولات الحلول في عناصر لا تملك الامكانيات والقدرات والمؤهلات العلمية والاكاديمية والخبرات المطلوبة و الللازمة للاضطلاع بهذه المهام، وتعمد إقصاء الآخرين، وعدم اشراكهم أو الأخذ بأرائهم ومقترحاتهم . إذن لابد من إيصال صوت أهل النيل الأزرق البالغ عددهم (مليون نسمة) فقط من خلال أبنائها الشرفاء،الخبراء التكنوقراط، العالمين ببواطن الأمور الحادبين أصحاب المصلحة الحقيقية، الممسكين بجمر القضية الذين لايطمعون في مغنمٍ ولا يسعون لمنصب، ولا تحركهم اجندات خاصة . لابد ان يجدوا مواقعهم علي طاولة المفاوضات القادمة في اديس ابابا، لإبراز كل جوانب قضايا أهل الولاية، وفي ذلك ضمانة لعدم الانحراف بها عن مساراتها، وعدم اختزالها في إطروحات (الشريكين اللدودين) الانتهازية التي أفضت الي هذا النفق المظلم والافق المسدود .ويبدو ان استمرار هذا المنهج الاقصائي واستسهال الاتفاقيات الثنائية، أدت الي ظهور ما تسمى(بالألية الاتحادية المشتركة لأحزاب وقيادات ولايتي جتوب كردفان والنيل الأزرق) مؤخرًا والتي انبثقت عنها (لجنة إسناد التفاوض) واصدرت بياناً صحفياً بتأريخ 2/8/2012م طالبت فيه (بضرورة إشراك القوى السياسية والإجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، وأصحاب المصلحة في كافة مراحل التفاوض) لا نعتقد إطلاقاً ان هذه الآلية صادقة في طلبها باشراك القوي السياسية الاخري،وهي دعوة شبيهة (بعزومة المراكبية) لأنها آلية مصنوعة من المؤتمر الوطني لتنفيذ أجندتها والدليل ماجاء في بيانها الصحفي وتأمينها وبصمها بالعشرة علي وثيقة وفد الحكومة للتفاوض . والرفض القاطع للمقترح المقدم من الحركة الشعبية قطاع الشمال لانه لا يمثل قضايا المنطقتين لا من قريب لا من بعيد،هذا بالإضافة الي مجمل رؤيتها حول مقترح الحركة المقدم للوساطة.حيث اشارت في المحور السياسي الي عدم الاعتراف بالحركة الشعبية قطاع الشمال،وفي نفس الوقت تؤكد علي إيمانها بمبدأ الحوار كوسيلة أساسية لتحقيق السلام الدائم في السودان , ما هذا التناقض والتعارض إذن مع من يتم الحوار ؟؟ وهل هؤلاء الذين وردت اسمائهم في لجنة إسناد التفاوض من أحمد كرمنو وسراج علي حامد وعبد العزيز اثنين وإبراهيم بحر الدين يمثلون أهل النيل الأزرق حقيقة ؟؟ وهل يمتلكون موقفاً تفاوضياً واضحاً منحازًا لأهل الولاية ؟؟ أم انهم مجرد أبواق ودمي يُحَركون بالرموت كنترول من شارع المطار والقصر الجمهوري ؟؟ واي مجموعة تحاول الحكومة وحزبها حشدها وشحنها لاديس ابابا للمفاوضات القادمة،لا يمكن التعويل عليها, وسوف لن تكون مؤهلة لتمثيل اهل الولاية،والراجح ان تكون من العناصر الإنتهازية الباحثه عن السلطة والمناصب، ومن الذين لا يمكن الاعتماد عليهم والاعتداد بهم,وسيكونوا مجرد كمبارس وديكور نسارع للقول بأن مقترحاتكم جميعاً لا تمت بصلة لقضايا أهل المنطقتين بدليل حالهما الراهن وبؤس الواقع وتردي الأوضاع الامنية بعد مرور اكثر من عام ونصف العام علي إندلاع العمليات العسكرية في جنوب كردفان في 6/6/2011م ، ومضي عام علي أحداث النيل الأازرق في 1/9/2011م ,ولقد ظل الشريكان اللدودان طيلة حكمهما للبلاد من 2005 الي 2011م عاجزين عن خلق الإستقرار المنشود ولقد تصرفا بعيدًا عن المصالح العليا للبلاد وعكفا طيلة الاعوام الستة الماضية لتحقيق اجندتهما الخاصة , ومصالحهما الحزبية الضيقة، في ظل غياب التنمية الحقيقية وانعدام الامن والاستقرار، وحتي لا يتكرر سيناريو نيفاشا في اديس ابابا وتقع الكارثة لابد من تدخل العقلاء والشرفاء والخبراء من أبناء الولاية وتقديم رؤية متكاملة لانقاذ ما يمكن انقاذه واعادة الامور الي نصابها والحقوق المسلوبة الي اهلها !! نواصل