بينا الهوى إخلاص علي قلب إنكوى وكلام قديم قلناه آخر الليل سوا الإخلاص عملة نادرة في الزمن الرمادي الصعب ، القابضون على جمرة الإخلاص قلة ،الجميع يبحثون عن مصالحهم ، في زمن لا يعرف يمه أرحميني ، لكن في حراك الحياة ولهيبها المتصاعد هناك ثمة أشخاص ما يزالون متمسكين بجمرة الأخلاص ، عفوا حكاية الإخلاص في المطلق ليست موضعنا اليوم ولكن القصة تتعلق برجل إسمه مخلص أي والله مخلص وهو إسم على مسمى ، مخلص يا جماعة الخير من أقلية الروهنيغنا ، هرب بجلده من التعسف البوذي في بلاده بورما مانيمار حاليا وإستقر به المقام في جدة كغيره من أبناء الجالية البروماوية ، الصدفة وحدها جمعتني بهذا المخلص ، أذكر إنني قبل سنوات كنت أبحث عن عامل لتركيب الستائر وعبرت في شارع مزحوم بمحال الستائر ، وجدت المخلص يقرأ في كتاب باللغة البنغالية ، وفي حينه تولى الرجل تركيب الستائر ، وعمل بإخلاص ، ولدهشتي إكتشفت أن الرجل يجيد النجارة وصناعة الستائر ، وأصبحت أستعين به في بعض الأشغال المنزلية ، وفي إحدى السنوات ذهبت للسؤال عنه ، أطلق عامل من بني جلدته آهة من أقاصي قلبه ، وصمت برهة وقال أن مخلص لم يعد قادرا على العمل بعد ان أصيب بالسكري والضغط وأصبح ضيفا ملازما للمستشفيات ما يكاد يخرج من المشفى حتى يعود إليه مرة أخرى ، عرفت في حينه مسكنه في ضاحية بعيدة عن المدينة وزرته برفقة أسرتي ، في حينه لدهشتي وجدت الرجل الذي كان ينبض بعافية الحياة يسير على عصا غليظة ، ويمشي متعثرا ، حزنت لم آلت إليه حالته ، وفي غمرة أوجاعه حكي مخلص أن هناك الكثيرين من زبائه سعوديون وعرب ما زالوا يبحثون عنه وأن بعضهم يزوره بين الحين والآخر ليمنحه ما في النصيب . وتعبر السنوات ، وكان مخلص يتصل باستمرار إذ خصصت له زوجتي مبلغا ثابتا ، يأتي مع قريب له لأخذه ، قبل شهر رمضان المنصرم في هذا العام ذهبت وأسرتي للسؤال عنه لأنه على غير العادة لم يتصل ، سألت عنه كثيرا ولكن لم أجد إجابة شافية ، وضعت رقم جوالي لدى بعض معارفه وأبناء جلدته ، ومرت أيام رمضان متلاحقه ، أيقنت في حينها أن الرجل ربما يكون إنتقل إلى الضفة الأخرى أو أن المرض أقعده وحبسه بين أربعة جدران ، وفي منتصف الشهر الفضيل وفيما كان العبد لله خارجا من رحلة العمل المضنية رن الجوال وكان المتحدث من الطرف الآخر مخلص ولا غيره ، كانت في طبقات صوته رنة حزن كسير وبحة خارجة من عتبة القلب وحكي الرجل أنه خارج للتو من المستشفى ، دعوته للحضور بجوار الدكان الذي كان يعمل به قبل أن يلاحقه المرض ويعصف بصحته ، هذه المرة كان الرجل مريضا بالكاد يستطيع المشي والحديث ، دردشت معه ، وودعته وفي القلب غصة على حاله . وما زلت في إنتظار سماع صوته .