في مدخل «ميناء» نيويورك وضعت أمريكا تمثال الحرية الشهير ليستقبل المهاجرين الجدد الهاربين من المجاعة في ايرلندا و«غزوات» نابليون و«ارستقراطيي» بريطانيا و«مافيات» إيطاليا.. وهو ليس صناعة أمريكية.. بل هو من أعمال الفنان الفرنسي «فريدريك بارتولدي».. كان قد عرضه على الخديوي إسماعيل باشا لوضعه قرب قناة السويس لكن خديوي مصر اعتذر ل«ضيق ذات اليد» وعدم قدرته على دفع التكلفة البالغة «600» ألف دولار في ذلك الوقت.. فأهدته فرنسا إلى أمريكا في 28 أكتوبر عام 1886.. ومنذ ذلك الوقت بنى الأمريكان حياتهم على مبدأ أطلقوا عليه «الحرية» دون الإكتراث إلى حدود هذا المبدأ وتقاطعاته مع مباديء الآخرين.. وهي حرية لا تحكمها مباديء أحكام الدين.. ووسموا كل من يرفضها ب«التخلف».. ونتج عن ذلك جماعات تجاهر وتسخر من الأديان وتسيء إليها دون أن يطالها القانون الذي يحميهم هم أولاً قبل الآخرين.. وما الفيلم المسيء للإسلام المسمى مجازاً «براءة الإسلام» الإ نموذجاً لوجه «الحرية» القميء التي تنتهجها الولاياتالمتحدة وهي حرية تقوم على سب العقيدة والاستهزاء بالإسلام.. من ثم تتبرأ الإدارة الأمريكية عن «الفعل المشين» كما فعلت هيلاري كلينتون وزيرة خارجية أمريكا أمس الأول ووصفت الفيلم ب«المقذي» دون أن تعتذر صراحة للمسلمين أو تتعهد بمعاقبة منتجي الفيلم الذين تعرف «هي» أهدافهم من الفيلم قبل إنتاجه.. ولم تكن الإساءة للإسلام هي الأولى.. فقد أحرق قس أمريكي المصحف الشريف وسبقه في ذلك جنود المارينز في أفغانستان فقد أحرقوا نسخاً من المصحف.. بل إن الرئيس الأسبق جورج بوش قال في حديثه عن غزو بلاده لأفغانستان بأنها «حرب صليبية» وهو يعلم معنى الحرب الصليبية. ما تشهده الدول الإسلامية من مظاهرات احتجاجية ومحاولات لاقتحام السفارات الأمريكية في العواصم الإسلامية هو نتاج لمواقف واشنطون من تجاوز مواطنيها «الخطوط الحمراء» وتوجيهها إساءات للمسلمين دون معاقبة الجناة.