وكان اسبوعاً اشتعل فيه العالم بالجحيم.. كان زلزالاً إرتج له الكون.. وبذيء ومنحط يرسم بالكاميرا والصور يرسم ذاته ودواخله المريضة المنحطة في محاولة يائسة منه لذر غبار على وجه النبي المعصوم الصبوح.. وكان رد فعل الأمة الاسلامية عاصفاً وهائلاً ورهيباً.. كان ريح صرصر عاتية وطوفان مثل ذاك الذي أغرق كل من أبى نداء نوح.. أدهشتني ردة الفعل الهائلة من أمة الاسلام.. وأدركت حينها أن هذه الأمة لو اجتمعت على كلمة واحدة إذا تلاحمت من أجل الخير لأجبرت العالم أن يضع لها حساباً وألف حساب.. نعم كانت ملحمة تاريخية باسلة.. كانت درساً شاهقاً وشاسعاً.. علينا الآن أن نستخلص منه الدروس والعبر.. ونسأل أنفسنا.. كلنا لا أستثني أحداً.. لا قطراً ولا جماعةً ولا جنساً ولا ملة.. نسأل أنفسنا هل نحن قد أوفينا الرسول المعصوم حقه من نشر أفعاله وأقواله للعالم أجمع.. هل سرنا على نهج شريعته وتحت ظلال هديه؟ هل قدمناه بالصورة الكاملة له للعالم أجمع.. وبأعمالنا وأفعالنا وأخلاقنا.. ومعاملاتنا.. وتعاملنا.. بأخلاقنا و بخلالنا.. هل كنا نموذجاً بديعاً ورفيعاً لمحبيه وتابعيه.. الإجابة على هذه الأسئلة.. أوحت لنا بها هذه المحنة فدعونا نستخرج النعم من طي المحن.. نراجع سلوكنا.. وأفعالنا وأقوالنا.. لنكون جديرين بأن نكون من أمة محمد المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.. وحتى لا نعود بعد أن أوفينا نبي الرحمة حقه من الدفاع عنه أمام هؤلاء الأوغاد الذين يستبيحون كل الخطوط.. يعربدون في طيش كل الساحات كل المساحات والذين لا خط أحمر أمامهم ممنوع فيه اللمس والإقتراب والتصوير.. وهو خط إنكار محرقة اليهود تلك التي يسمونها «الهوليكوست».. صدقوني.. إننا لم نكن نماذج جميلة ومقنعة ليعلم العالم كيف هو المسلم الذي تربى على يد المعلم الأول.. رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.. مثلاً.. النبي الكريم والعظيم.. يقول.. «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر».. وقصة أخرى لا تقل بلاغة ونصاعة عن حديثه هذا.. وذلك عندما دخل المسجد يوماً.. وكان فيه أصحابه رضوان الله عليهم جلوساً.. عند دخوله.. وقفوا جميعاً توقيراً وإجلالاً لطلعته الشريفة.. هنا قال لهم النبي المعصوم.. «اجلسوا ولا تكونوا كأحبار اليهود والنصارى يقدس بعضهم بعضاً».. أرأيتم درساً أكثر بلاغةً وفصاحةً أكثر من ذلك.. والآن.. دعونا نصطحب هذين الحديثين معنا.. ونذهب في مهلة من طنجة إلى جاكارتا.. لنرى إن كان لهذين الحديثين أثراً.. ومرةً أخرى لا إستثني أحداً.. لا عاصمة إسلامية.. ولا ملكاً.. ولا أميراً.. ولا جنرالاً.. ولا قائداً.. حين نرى بالعين المجردة.. جبالاً وصخوراً من كبر وليس مثقال ذرةٍ واحدة.. ولأن حديث النبي لا محالة يتحقق.. ولأنه لا ينطق عن الهوى.. ولأن حديثه هو وحي يوحى.. أجزم وأتيقن بأن كل هؤلاء لن يدخلوا الجنة تصديقاً لحديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه.. ولأننا ما زلنا عند محطة الكبر.. الذي تحتشد به القلوب.. ولأننا في محطة التفخيم والتعظيم والخيلاء التي يعيش فيها كل حكام وقادة الأمة الاسلامية.. بلا فرز.. لأننا في هذه المحطة.. نقول أيضاً إن الرعية في فجر الإسلام ذاك المضيء الوضيء.. كانوا ينادون الصحابة الأطهار.. باسمائهم المجردة.. رغم أنهم أهل للتكريم والتعظيم.. فقد كان مسلم من غمار الناس يقول.. يا عمر.. ويا علي.. ويا أبا بكر.. فهل يجرؤ أحدنا أن يقول لأي وزير.. يا.. بإسمه «حافاً» مجرداً من سعادتك.. ومعاليك ودولتك.. أم أن مثل هذا السلوك يكون ضرباً من الإنتحار أو الجنون؟!