والمناحة أيضاً اشتهرت بها النساء ... وهي مزيج من اللوعة والحسرة وذكر المآثر لمن ماتوا أو قتلوا ... وكانوا من أهل المكارم ... واشعر من ناح على الراحلين الذين لم تقبر معهم فضائلهم الخنساء ... التي سحت دموع العين مدراراً ... ولم تكتفي بالبكاء ... بل بسرد تلك القيم التي جعلت منهم شعراً يتردد ... وأهازيج تترى... وكم من الابطال الذين باعوا انفسهم لله والوطن وربح بيعهم ... وفازوا بالخلود في الدارين ... حتي بعد موتهم ... وامثال هؤلاء لا تتخطاهم النساء... من يملكن الفطره والبداهه... ولازالت فجائع الناس فيهم اغاني تتردد تتناقلها الاجيال ... وعبد القادر امام ود حبوبه زعيم الحلاويين وقائد ثورتهم ضد الاستعمار البغيض ... قد لا يعرف البعض ان ود حبوبه لقب حيث يقال انامه ولدته بعد ان يئست لكبر سنها ... لكنها كانت تدعوا الله بانها يهبها ذكر ذائع الصيت شجاع لا يهاب ... فولدته وقد جاوزت الخمسين واشتهر منذ صغره بانه حقاني ... شجاع... يرد الحقوق ويرفع المظالم ... ويكره الاستبداد... وقد كان على موعد مع التاريخ حين قتل المستر سكوت منكريف ومامور المسلميه في كمين محكم وكان جزاءه الاعدام ... الذي ذهب اليه في حلة الشيخ مصطفى ... سوق كتفيه وقد اوصى باعطاء ملابسه لبنات عمه ليعرفن انه مات شجاعا ... وقد ناحت عليه النساء ... خصوصا اخته «رقيه محمد امام» التي قالت محسورة عليه ... لإعلان صدر واتلمت المخلوق عيني بشوف أبورسوة طامح فوق ان جات بالمراد واليمين مطلوق ما كان بتشنق ودأب كريك في السوق وناحت عليه أيضاً بت مسيمس وهي حكامة وشاعرة الزبير باشا وقد عاصرت ود حبوبة وشهدت إعدامه ... وسمعت بنات عمومته يوصينه بالثبات والموت على الشهادة فكتبت الواعي ما بوصوه من أمس الضحى وري أب زنود ساقو... وعندما مات أخو الشاعرة رقية بت مسمار وكان غرير السن شجاعاً مهاباً ناحت عليه بدموع الشعر الخالد..كمآثره ومكارمه الخالدة لاف درجن ولداً نجيض ماك ني بجرجر فوق صقير وحدي ني وشكري يا أختو يا ريا ساح الكواني الضارب اللية سمعنالنا خبراً في الهلالية مستاشر جواد سكّن سبع مية زاوية أخيرة: ولشعر الحماسة والمناحة في النفوس فعل السحر ... خصوصاً إذا تغنى وامتزج بلحن يلهب الجوارح... ويحرك الأفئدة... ربما لأننا شعب يعشق الفضائل..!!