شتاء ذاك العام لم يكن قارصاً.. تجمعنا عدد من السودانيين في مكتب رجل الأعمال اليساري صديق عبدالهادي في مدينة فلادلفيا.. المجموعة ضمت سودانيين من مختلف المشارف.. شيوعيون وإسلاميون مهادنون ومعارضون لحكومة الخرطوم.. الذي ألف بين قلوبنا في ذاك المساء كان الشاب باراك حسين أوباما.. الذي يتأهب للوصول للبيت الأبيض الأمريكي.. مجموعتنا قررت أن تدعم المرشح الديمقراطي باراك أوباما وانتظمنا تحت مسمى «سودانيون مع أوباما». كان ذلك الاجتماع قبل أربع سنوات.. هاهي الأيام تعود دورتها.. في تلك الأصقاع يتغير كل شيء مع مرور الزمن.. أنت تقرأ هذه الصحيفة ولن تجزم من الذي سيفوز بسباق اليوم في الانتخابات الأمريكية.. كل الحسابات والتقديرات متقاربة.. ولكن في نهاية المساء سيخرج منتصر.. الخاسر في هذه الانتخابات لن يفعل شيئاً غير أن يشكر مناصريه ويتمنى حظاً سعيداً للرئيس الذي بايعه الشعب الأمريكي. في تقديري أن الرئيس باراك أوباما سيعود مرة أخرى للبيت الأبيض .. الأمريكيون دائماً يسألون أنفسهم عن أحوالهم قبل أربع سنوات.. كل المؤشرات تؤكد أن أوباما قد انتشل الولاياتالمتحدة من كارثة اقتصادية.. شركات صناعة السيارات التي كادت أن تغرب شمسها عادت للعمل بشكل مربح.. المصارف التي كانت تسقط صباح كل يوم شملها استقرار.. سوق العقار المترنح بات يستعيد عافيته.. معدلات البطالة ليست جيدة ولكن هنالك فرصاً جديدة للعمل. اعتقد أن الأمريكيون قد اختبروا مقدرات رئيسهم الشاب.. آخر امتحان لمقدرات الرئيس أوباما كان إعصار «ساندي» الذي خلف خسائر تقدر بأكثر من خمسين مليار دولار.. أوباما في هذا الظرف العصيب استطاع أن يثبت أنه يتصرف بحكمة.. هذه الشهادة جاءت من حاكم ولاية نيوجرسي الجمهوري.. ولاية نيويورك مثل أختها نيوجرسي أصابتها العاصفة في مقتل.. عمدة نيويورك المستقل رجل الأعمال وينبرغ خرج بعد الأزمة ليعلن تأييده لأوباما رئيسا. الرئيس أوباما سيستفيد كثيراً من سلبيات خصمه مت رومني..المرشح رومني أصابته زلة لسان حينما وجه الإساءة لنصف سكان أمريكا.. حينما تحدث أن نحو 47% من الشعب مغرم ببرامج المساعدات الحكومية.. كذلك فشل مت رومني في جذب سيدات أمريكا إلى صفه لأن موقفه من قضايا الجنس اللطيف فيه كثيراً من «الدغمسة»..المشكلة الكبرى التي تواجه رومني أن المتطرفين المسيحيين لن يصطفوا حوله.. مت رومني من طائفة المورمون التي تعتبر من خوارج الديانة المسيحية ولايتجاوز عدد مؤيدي الطائفة الستة مليون مواطن. اللافت للنظر أن معظم اليهود والمسلمين يؤيدون الرئيس أوباما.. اليهود تستهويهم سياسته الواضحة في دعم أمن إسرائيل وبرنامجه الاقتصادي.. أما المسلمون فيرون في أصوله الإسلامية مايستحق الدعم والمساندة. بصراحة لايمكن الجزم بنتيجة انتخابات اليوم..ولكن أتوقع أن يفوز الرئيس أوباما بأغلبية الكليات الانتخابية التي تحسم النتيجة في النهياية.. وربما يبلي مت رومني في الأصوات العامة ويحصد عدداً كبير ولكن العبرة بالأقوان على حد تعبير الرياضيين. ربما علينا أن نحدق في التجربة الأمريكية في تداول السلطة سلما بدلاً من اللعنات الدبلوماسية.