إتخذت أحداث (المتقطعة) فى ولاية شمال دارفور منحاً خطيراً....غير مألوف فى المواجهات والحروبات التى شهدتها دارفور منذ تمرد الحركات المسلحة فى العام 2003 ..بل منذ ظهور النهب المسلح فى بداية الثمانينات من القرن الماضى ....ففى صبيحة الجمعة الماضية طوقت مجموعة مسلحة تمتطى أربعة سيارات (لاندكروزر) بها مدافع (دوشكا) قرية (سجلى) جنوب شرقى الفاشر وأمطروا سكان القرية بوبل من الرصاص حيث استشهد (13) وإصيب (6) وأختطفوا مثلهم فيما لازال (10) فى عداد المفقودين ....طبيعة الهجوم وطرق تنفيذه مماثلة لإحداث وقعت خلال الثلاث أشهر الماضية فى مناطق (الهشابة) و(كتم) و(مليط) و(أم كدادة) ....وهى أحداث فيها سمة الإنتقام وإستهداف الأبرياء ....ففى الهجوم على (سجلى) لم يسمى أحد الجهة التى نفذت الهجوم كما هو فى السابق وإكتفى المواطنين الذين تظاهروا فى الفاشر السبت الماضى حاملين جثامين الضحايا بمطالبة الحكومة بحمايتهم من مثل هذه الهجمات.....بينما وجه مسئولين أصابع الإتهام لأكثر من جهة فمنهم من إتهم الحركات المتمردة وآخرين إتهموا عصابات النهب علماً بأن من يريد النهب يكون هدفه أخذ مايريدة من مال وليس إختطاف المواطنين معه. والسئوال الذى يطرح نفسه (لمصلحة من تنفذ هذه الهجمات؟؟)....هناك عدة إحتمالات منها أن هذه الأحادث الأخيرة لا تخرج من كونها (ثأر) ...لكن المعروف أن الثأر يأخذ طابعاً قبلياً يمكن منع وقوعه بواسطة (الجودية) وجهود الإدارة الأهلية ل(جبر الضرر)....وقد تكون هذه الأحداث تقف ورائها الحركات المتمردة ..وهذا يعنى أنها دثرت عملياتها العسكرية بغطاء القبلية والجهوية لجر دارفور الى نوع جديد من الحروبات ....خاصة وأن هذه الحركات تشققت الى مجموعات على أساس قبلى وجهوى يظهر جلياً فى تكوين قيادة كل مجموعة. إذا كان الجميع يعترف بإنحسار التمرد والعمليات العسكرية فى دارفور وإستتباب الأمن فى المنطقة ...فإن الأحداث الأخير يستوجب التعامل معها بحسم لوأدها فى مهدها وتقديم الجناة الى العدالة.