شجرة التبلدي أو التبلدية - كما يحلو لأهلها في غرب السودان أن يسموها شجرة صديقة للبيئة والإنسان، ظليلة غنية وريفة حنونة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، وهي توجد بكثرة في غرب السودان خاصة وبشكل مكثف في ولاية كردفان، وهي أضخم الأشجار وأطولها في العالم، وقد يصل ارتفاعها إلى (25 - 30 متراً) أما قطر جذعها قد يصل إلى 11) متراً) وأكثر في بعض منها، و هذه الشجرة تعمر إلى أكثر من ألف عام.. والتبلدي طبقاً لوصف علماء النبات شجرة عارية من الأوراق لمدة تسعة أشهر في السنة، وتبدأ الأوراق في الظهور عند بداية الخريف.. الجذع مفرغ من الداخل وقد يسع نحو )54 شخصاً) ولها فوائد عديدة منها: ثمارها الشهيرة بالقونقليز، حيث يُصنع منها مشروب أبيض اللون حلو المذاق سوداني الهوية والصنع، وأيضاً تستخدم في علاج بعض الأمراض الباطنية ولا ننسى أن أوراقها أيضاً تستخدم في بداية فصل الخريف للأكل اعتقاداً بمعالجتها بعض الأمراض الأخرى، وتحتوي ثمرتها على ستة أضعاف كمية فيتامين c الموجود فى ثمرة البرتقال، ومن منتجاتها أيضاً زيت التبلدي وبذور التبلدي ومسحوق التبلدي و ألياف التبلدي، وتدخل معظمها فى صناعة الأدوية الطبية، ومستلزمات التجميل. أما عن الاستفادة من حجم جذعها، فإن الأهالي في غرب السودان كانوا يستخدمونها كمخزن للمياه، وذلك بتجميع مياه الأمطار، وتسع لنحو 25 ألف لتر ماء يستخدمها السكان خلال فترة الجفاف، التي تمتد إلى أكثر من خمسة أشهر.. وتجويفها متفاوت في السعة التخزينية من40 إلى 100 برميل للشجرة الواحدة.. وهي من الأشجار المعمرة ولها شبكة هائلة من الجذور التي تمتد إلى أعماق ومسافات طويلة، وتحتاج إلى تربة خفيفة بمميزات خاصة، وإلى أعماق كبيرة، إضافة إلى توافر جو منطقة السافنا الغنية، لذلك انتشارها محدود في مناطق معينة من السودان ومدغشقر وجزء من الهند، وأستراليا. لكنها وبخلاف البلاد الأخرى تنتشر بصورة طبيعية في السودان دون تدخل الإنسان. وبذلك فإن زراعتها في غير مناطقها غير ممكنة، على الرغم من أن استنباتها سهل جداً.. يقول الشاعر السوداني جعفر محمد عثمان خليل عن شجرة تبلدي صغيرة كانت في داره بمدينة الدلنج بغرب السودان: «شهدتُ عهد صباها».. و يقول في مطلعها: ذكرى وفاء وود ... عندي لبنت التبلدي في كل خفقة قلبِ ... و كل زفرة وجدِ فيا ابنة الروضِ ماذا ... جرى لمغناكِ بعدي؟ ما زلت وحدكِ إلفي ... يا ليتني لكِ وحدي.. وتظل أشجار بلادي شامخة كما إنسانها، تمتد بجذورها الضاربة في عمق التاريخ وتهفو بأغصانها الى السماء..