من اغرب الحكايات عن المشردين أن رجلا وزوجته من كولومبيا يعيشان في مجاري الصرف الصحي منذ 22 عاما ، المفارقة ليست هنا وإنما إعلان الرجل أنه سعيد جدا بالحياة داخل المجارير ، ومش كده وبس بل أن الرجل أعلن بصريح العبارة أنه حياته في دهاليز الصرف الصحي ، أفضل بكثير من حياة رئيس كولومبيا ذات نفسه ، وأن موقعه وشريكة حياته في المجاري ليس به ضجيج ، عكس مسكن أو قصر الزعيم الكولومبي ، والذي يعج بالحراس وصافرات الإنذار وكاميرات الرصد والذي منه ، أبصم بالعشرة أن كلام رجل المجارير الكولومبي في محله لأن القادة والزعامات حول العالم لا يشعرون بالسعادة لأنهم لا يعيشون في أمان ، كما أن حياتهم ليست هادئة بما فيه الكفاية ، فضلا عن أنهم لا ينامون كثيرا ، وتظهر حكاية خوف الزعامات بكميات كثيرة في العالم التالف على شاكلة السودان ، فالقيادات في الدول النامية أو النائمة يعيشون على أعصابهم ، خوفا من خصومهم الذين يتربصون بهم ، وتوجسا من المحيطين بهم ، نعم المحيطين بهم ، خاصة ونحن في السودان لدينا الكثير من مثل هذه التجارب المريرة ، للأس كم كم من رجل مغلوب على أمره زي حالاتي يتمنى أن يعيش حياة رجل الأعمال الفلاني أو الفلتكاني ، أو أن يكون في واجهة الأحداث نافشا ريشه مثل ديك الحبش ، إذ يتصور الناس الغلابا أن حياة القادة ورجال الأعمال نابضة بالسعادة وهو لا يدري أن 99 في المائة من هؤلاء حياتهم باردة وباهته ، رغم المظاهر الكاذبة التي تغلفها ، ويحضرني هنا يا جماعة الخير أن نجمة هوليود الفاتنة إنجيلنا جولي أوضحت بعضمة لسانها أن السعادة بالنسبة لها أن تتسكع في الأسواق وتسافر بحرية وتتناول طعام العشاء مع أفراد أسرتها بعيدا أعين الفضوليين وكاميرات التلفزة ومحرري الصحافة الصفراء والمصورين البار باتري ، وفي نفس الوقت أعلن براد بيت زوج إنجيلنا أنه رجل بيتوتي ، وفي كثير من الأحيان يرمي ملايين التعاقدات خلف ظهره من اجل قضاء اطول وقت مع أفراد أسرته لأن سعادة عائلته بالنسبة له اهم من الشهرة والأضواء ، بالمناسبة السعادة ليست لها مواصفات معينة فكل إنسان يحس بها وفقا لاحتياجاته في الحياة ، فالبعض يرى أنها المال والجاه والسلطان وآخرين يرونها في الوظيفة المريحة ، وشريحة اخرى يرونها في الحياة الزوجية المستقرة ، لكن بصراحة فإن أسوأ انماط السعادة هي التي يشعر بها بعض أصحاب العقد النفسية والمصابون بالانفصام ، وهؤلاء القوم نجدهم في مراكز القرار في كافة مناحي الحياة في السودان ، والحاجة التجنن والأمر العجيب أن هذه الفئة تشعر بالسعادة وتضحك أربعة وعشرين قيراط حينما يشاهدون الآخر يتألم ويشكو لطوب الأرض من أفعالهم الجهنمية وتقولي شنو تقول لي منو .