والآن يا أحبة.. أرجو منكم في إلحاح وضراعة.. أن تقرأوا كلمات هذا المقطع من النشيد.. تقرأوها بعيون مفتوحة.. وقلب أوسع من فضاء فسيح.. وأن تتوقفوا عند أبياته.. كلمة.. كلمة.. حرفاً .. حرفاً.. وتسألوا أنفسكم هل هناك معاني.. وأحلام.. وأبواب.. وديباجة.. وبنود تصلح دستوراً.. مدهشاً مضيئاً.. شاملاً جامعاً.. رهيباً ووهيباً.. بهياً وقاطعاً.. أكثر من هذا.. وهل لو بحثتم في كل دساتير الأمم.. بكل أنواعها.. وأشكالها.. كانت جمهورية.. أو ملكية.. أميرية.. أو حتى فاشية.. ديمقراطية أو عسكرية رأسمالية أو شيوعية.. هل في كل تلك الدساتير... أروع من هذه الأبيات المحتشدة.. بكل احتياج الشعوب.. بكل أمانٍ شاهقة كالجبال.. إذن.. أقرأوا بتمعن وتمهل.. وتلفتوا حولكم.. أنظروا إلى واقع الوطن حتماً سيرتد البصر خاسئاً وهو حسير.. فقط لوقارنتم بالنشيد الحلم والواقع الحزين.. الآن.. أفردوا الشراع.. وامسكوا الدفة.. وأضربوا بالمجاديف.. لأن زورقنا سينزلق خفيفاً طروباً.. على صفحة الماء.. و.. مكان السجن مستشفى مكان المنفى كلية مكان الأسرى وردية مكان الحسرة أغنية مكان الطلقة عصفورة تحلق فوق نافورة تمازح شفع الروضة وطن للسلم اجنحتو ضد الحرب اسلحتو عدد ما فوق وما تحتو عدد للأرضو محتلة سند لليدو ملوية وطن حدادي مدادي ما بنبنيهو فرادي ولا بالضجة في الرادي ولا الخُطب الحماسية وطن بالفيهو نتساوى نحلم.. نقرأ.. نتداوى مساكن كهرباء وموية تحتنا الظلمة تتهاوى.. وهكذا يكون الدستور.. وهكذا أحلم بأن ترقد هذه الأماني النبيلة المبهرة في صفحات سفر الدستور.. وهكذا نحلم بوطن بالفيهو نتساوى.. ونحن الآن لا نتساوى.. ولم نكن في يوم من الأيام نتساوى.. كان ذلك أيام رخاء الوطن .. وثراء الوطن.. وكان أيضاً عندما أدارت الثروات والأموال ظهرها للوطن.. ما تساوينا يوماً مع الأحبة القابضين على لجام السلطة لا في الحلم.. ولا في «القراية» ولا في التداوي.. فقد كنا.. وعندما يشتد بنا السقام ويهدنا المرض «نزج» في طوابير أطول من صبر الصبور.. وبعد كل عناء.. ورهق.. نجد بؤساً في المشافي.. وشحاً في الدواء.. وغلاءً في الروشتة.. ونظل رغم كل ذلك نراهن على «بكرة»... نترقب شمساً حتماً سوف تخترق أستار الظلمة.. وتهزم حلوكة الليل البهيم.. لأن بعد ذاك الإشراق.. حتماً «تحتنا الظلمة تتهاوى». والآن أصل إلى ضفة النهر العظيم.. الذي قطعته سباحة لأسلم مساهمتي في مسودة الدستور الجديد...