ما أجمل هذا الصباح.. كل شيء يستيقظ.. الجماد يبدو في حراك مستتر.. وأنا هنا أجافي مراقد النعاس والنوم، تتراءى لي صورتك بكل بهائها وطلتها الندية، وتدلف معي في واقع تفاصيل اليوم الحقيقية، أراك نداوة حين تجف وقائع المحاضر اليومية، أهرب الى خيالك كلما أمعنت في صحراء الحياة.. كم كانت فرحتي بك عالية وأنت تتجاوز كل حدود الممكن واللا ممكن.. يا لنداوة هذا الصوت الذي حدثتني به، ففي تلك اللحظات ضاقت الدنيا بما رحبت إلا عند دفء حنانك الفياض، كم تتفجر لي عطايا أعجز وأحس بالقصور إن قلت لك (شكراً) على ماذا أشكرك وأنت بعضي وكلي وجزئي، نعم ما خاب يوم ظن قلبي بك، كم أفردت لي من وقتك الكثير والمثير من مساحات السمع والتأمل، صدقني أنت اليوم عندي في مقام لم ينله أحد غيرك لأنك الحفي به.. أحبك حباً ملأ كل الكون وفاض على جوانب كوكب الأرض.. إذن لا ترتجف إن جئتك بدفق لا يحتمله جسدك النحيل، وعينيك الثاقبة الأصيلة.. أنظر لما حبوتني به من مكارم منذ أتحت لي كل وقتك وسخرت لي كل قدرتك حتى أوصلتني الى أبواب العبور، صدقني لن أخذلك أبداً، ففي زماننا اللعين قلة هم الذين يرتجى من عشرتهم.. فشكراً من كل زوايا القلب من مدخل الأذينات وعبر الصمامات والبطينات الى استشعار العصب واللمف والدم واللحم والعظم.. صدقني أنت رجل لست ككل الآخرين، ولأنه لا يكرمهن إلا كريم أجزلك الكرم، جادة في تقصير المسافات والتقاء الأرواح والذوات هي مشروعة ومباركة، ما دامت فيها نفحات الحق والمستقيم ليس المعوج. صباحات أجمل ما في توقيتات خطوط العرض والطول، ومكانك أجمل ما تلتقطه نظم الجغرافيا وتحديد المواقع، حيث تكون تتولد الحياة، وتنبعث الرجاءات، ويفوح العطر، ويندفع النيل دفاقا نحو العطاء والبذل، إليك ينفتح مجرى الدم الى القلب والعقل، ما أحلى ما تقول وتتخير من كلمات دون أن تتكلفها، أراقب لفظك الراقي الأصيل ومدلولاتك القوية البسيطة أيها الرجل الذي أثبت أن بسطة الأفق والمجال لا علاقة لها ببسطة الجسد والسلطان، فسلطانك في أدبك الجم ومفردتك النافذة، وحكمتك البليغة، كم أنا محظوظة بك وبحبك الغالي، ترى هل أنا أستحق غرامك وولهك؟ هل أنا حفية بهذا الاختيار المميز؟ لا أقول ذلك إلا أنني بمعايير المثاليات دونك دوماً، فكثيراً ما أكون مهزومة ومتراجعة.. فالتوجس يرافقني منذ أن كنت طفلة محرومة من مزاولة اي ألعاب طفولية، كان علي أن أكون امرأة كبيرة في جلباب طفلة صغيرة.. شكراً لك أن أخرجت حرمان تلك الصغيرة وعبرت بها من أيام الطفولة والمراهقة ووصلت بها الى مقام عمرها وسنها الحقيقي، نعم أنت الرجل الوحيد الذي حللت عقدتي وسبرت غوري ووضع لي إطاراً يحفظ صورتي، ويقود زمامي في تؤدة وهدوء، ففي كل مطالع الزمن كنت معي لماماً وأشتاتاً ودوماً.. محاصرة وانفكاكا، تواضع وحكمة.. أيها الرجل العظيم آن الأوان أن أبثك شجني ولهفتي ولوعتي، فمن يحملني على كفوف روحه يستحق أن أحمله في كل كياني حباً ولوعة وولهاً وعندما أعجز عن ايفائك بعضاً من حقك أعذرني إن شلت يمينك يميني، وعجز قلمي عن تعبيرك وإيفائك ما تستحق. آخر الكلام: أقول كما قال محب يوماً.. اليك ما أحلى تدفاق الحب من الوريد الى المداد.. وما أقسى الأمل إذا لفه ثوب الحداد، فارقد هانئاً حيث كنت.. مع محبتي للجميع.