إنها الثالثة صباحاً ولم يسمع النوم فيها استجدائي له بأن يجئ.. كانت مناجاتي الأقوي لك أيّها الغائب الحاضر فيّ.. أيّها القريب البعيد.. ماذا فعلت أنا لهذه الدنيا كيّ تبتليني فيك؟ قد سألت الله أن أحبّ وإذا بي أقع في أقصي حالات الحب جنوناً.. فاض القلب بعشقك أيّها الغريب.. أنت محفور فيني في كل جزء من هذا الجسد المتعب الذي أرهقته عبور أمسيات وذكريات كانت لنا معاً.. أتعبته رعشات كانت لي يوم كنا جنباً إلى جنب نتقاسم الوله ونفعل الحب بوفاء في أحلى ثوراته ونلبّي كل نداء هو للطبيعة بصوتنا. قلمي اليوم مندهش من هذه الكلمات ولكنه لم يلمني فهو يدري كم أنا مسكونة بك كم أنا عطشى إليك وكم أنا مجنونة بهواك!! إنّها اللّهفة لك صحّت كل طفّل بداخلي ونبّهت مواعيد البكاء من شوقك وأسكتت كل صوت للصبر والاحتمال.. تعال.. فأنا في هذه اللحظة أدفع عمراً كيّ ألتقيك.. أذكر حروبك كلّها التي خضتها من أجلي وهزيمتي النكراء.. كيف تكون لي وأنا لك ويكون البعد سوراً بيننا؟ أجبني فهاتفك لا يرد.. أتنام وأنا هنا تأكلني الهواجس والانفعالات؟؟؟ إنّني في كل ليلة تضيق بيّ الأماكن أهرب إليك في حلمي زاحفة رويداً رويداً باتجاهك.. لكنّي لا أراك لا أحسّك مجرّد وسادة أخرى فرضت نفسها بجانبي للديكور يوماً أرميها كيّ لا تنظر لي تلك النظرة الشامتة.. ويوماً أبقيها متخيّلة رأسك عليها وتلك العينان تنظران لي في حبّ وهذيان.. كن لي تماماً كما أنا لك في حلمي وفي اليقظة.. أنت معي في كلّ مكان أنت لست فيه.. أحسّك في كل ركن هنا.. بعض من قمصانك لم أغسلها أضمّها وأحياناً ألبسها أستعيد بعطرك أحلى لحظات الدفئ وأكثرها اشتهاء.. فألعن الظروف وكل ما أخذك بعيداً منّي!! بقدر هدوئي تعتريني رغبة في الصراخ أحتاجك الآن كي ترى كم أنا متعبة ولأخبرك أيّها المسافر بأنني لم أحسّ بوجودي من بعدك. حاولت أن أخلق لنفسي جوّاً يلهيني عنك ولو قليلاً.. لكن يا حبيبي كل الأماكن تذكّرني بك، كل الحدائق التي ارتدناها معاً تخبئ ملامحك في مدخلها.. فهذه الشجرة حدّثتني تحتها بأنّني سأنجب منك (دستة) وهذه الأخرى قابلتني تحتها كمراهق لم يسعفه الشوق ولم ينتظر. وهذا الشارع علّمتني فيه القيادة وهذا المتجر أخذت لي منه ورداً وهذا السوق جلبت لي منه عطراً وهذا الرصيف رفعتني من عليه يوم تعثّرت فيه ووقعت فجأة وضحكت من حذائي العالي. وهذا النهر حملتني بجانبه يوم مازحتك بأنّني أريد السقوط وسقطت حينها ولكن في نهر بلا قرار ومن وقتها وماؤك يجري في دمي فأروي به روحي الظمأى وأنت هناك!! قل لي أين أهرب منك في هذه اللحظة؟ فلا هناك ولا هنا ولا شئ في هذه الدنيا بقادر على احتواء لهفتي وإدماني الآن.. متى تعود؟ فحتّى الحروف قد ضاقت مخارجها وحتى الكلمات آثرت الهروب والأغاني كلّ الأغاني صارت تنادي بحضورك. لا شئ يا حبيبي بإمكانه أن يكبح من جماحي الآن.. أسمعك تناديني باسمي الذي اخترته لي أجيب عليك وأسمعك تناديني مرّة أخرى فأين أنت كفاني عذاباً واستجداء؟؟ لا أقدر على إخفاء نفسي فلا الّليل ولا الظلمة بقادرين على رغبة مجنونة كرغبتي فمتى ستأتي أم آتي أنا؟ آآه أنا والمسافة الوجع التي ترقد بيننا.. آه أنا من إغراءات الدنيا التي فرّقت شملنا.. تلهث وراء الأعمال من عمل إلى آخر تنشد النجاح وأشياء أخرى ولكن ماذا سأفعل في غيابك دلّني لطريق أهرب فيه من مذلّة حاجتي إليك ونار عذابك. ها هي نقودك التي بعثت لي بها مبعثرة هنا وهناك في كلّ حقائبي ومحافظي الجلدية فهل أجمعها وأضمّها الآن كي تزيل ما بي من عناء؟؟ هل أشتري بها مسكّناً للألم وأنسى وهل أنسى كيف هي الحياة وأنت معي؟؟ مال الدنيا كلّه لا يعوّضني معزّة هي لي بقلبك.. ولا ابتسامة رضا على وجهك حين تراضيني بعد خصام.. ولا ضحكة مجنونة أسمعها منك حين أروي لك (نكتة بايخة).. باختصار من أنا من غيرك؟ قد أكون حقّقت من أمنياتي معظمها ولكن يبقي قربك هو الأمنية المستحيلة برغمك لي!! أحتاج المرأة بداخلي والتي لا أحسّها إلا وأنت معي أشتاق للأنثي فيني والتي لا ألمسها إلا وأنا معك.. أحتاجك الآن كي تروي لي كل حكاية هيّ عنّي وكل تفاصيلي التي لا أراها إلا بعينيك.. أحاول هاتفك مرّة أخرى فيرنّ وترنّ معه خواطري أريد أن أخبرك بصباحي هذا وكيف عذّبني فيه شوقك ويرنّ هاتفك ويرنّ.. وتجيب عليه إمرأة أخرى!!!!!!!! وبعد أن قرأت بعمق واندهاش أحرفها إليه كتبُت لها أقول: سألت البحر عن عينيك والشجرة عن مداخل الظلال إليك فتداعى ليل الحب وتمدد شوق الأفئدة على قطرات الهواجس وهي تنتظرك تحت النجمة ترقب شوقك الجرئ.. حدثتني عصفورتك التي همست لنخلة تلد ثمرة كل عام أن اتقد على عبير الوجد إليك.. رشفت رحيق الثمرة فسكرت بولهي النائم تحت غصن الزيتون وأنت لا تجيئين.. كل أعمدة الضوء تفجرت في رئتيّ شعاعاً من إدمان، توكأت على عصا وجعي ونمت ليلتي الأخير أحلم بك فإذا بالنجمة تمنح عصفور هواي حق الطواف بكعبة يقصدها الليل حين يهرب من وجهك القمري دخان ارتعاشي في حضورك. كيف يكون ملح الأرض هكذا بطعم اشتهائك حاذقاً ولاذعاً؟!! وكيف يكون لون البحر ندياً كلما هجره موج التعب.. يا صمت القصائد المعلنة في صدر الريح ويا أنين التقاء المدى برصيف الإنتظار حينما لم تكل دقات الهوى عن طول المجئ وهو لا يرد إليه البصر مرتين في تاريخ غيابك المقيم.. ليس إلا.. هذا العشق لا ترسمه كلمات تنتزع أشعة الشمس لتلون به وجه المغيب، هذا العشق بوابة الخروج إليك من كل مداخل التكوين. فلينزع الشوق غطاء الحزن لينام عارياً تحت أشعة الأمل البنفسجية الوعد وتحت الحمراء كلما منح سحاب الشجن حقل العشق مطر السكون.. وهل الموت في عينيك إلا حياة أخرى!! يا امرأة لا تجيء إلا في الشهر الصوم عن الأحزان كل يوم!! يبقى قدري أن ألقاك وأن أهواك.. ويبقى حبك في الأفلاك.. قصيدة من لؤلؤ واستبرق.. يا آخر رحيل للأنفاس يا كل ملاك.. بين حضور الرمق الطالع وبين النوم هنيئاً خلف الوعي وفي الإدراك.. أراك على خير أيتها السوسنة.. وإلى اللقاء.. فكتبت رداً لي تقول فيه: دائمآ تقتلعني من أمكنتي بحرفك المجنون.. دائماً تبحث عما ورائي وتكشف عن أخبيتي ولا أملك أمامك إلا أن أسدل حجابي وأسمح لثغري بالابتسام.. لا أملك معك إلا أن أكون امرأة أخرى، امرأة الشوق واللهفة والوله بكل ما هو جميل وهل من جميل غيرك ها هنا؟؟ قل لي فبثينة الشوق لاوعها يوم أن جاء بك الغيم فأمطرت شتاء ورويت حقل زهري من ضياء شمس اللغة ومن ماء الحروف والعطش. أراك مرّة فأراك في كل الأماكن. أسمع صوتك هنا وهناك يتشتت في أرجاء المكان يبعث فيّ حميمية القصائد وكل أمنية عذراء.. يكسر فيّ كل ضلع هو من زجاج.. أحبّك وكلماتك النخلة، فهي تثمر في كل حين وأنا أدمنت طعم (البلح). أراك سامقاً في كل حين ولا أملك إلا أن (أتاوق) يا رجل المطارات وكلام الوداع دونما لقاء.. يا صوت الجواهر في ليلة هادئة ويا صمت السماء لتحيّة الصباح يا أنت.. هل تسمعني؟؟ كلماتك تخترق كل أجهزتي وتشغّل كل عطل فيها.. أشتاقك وأنت قريب وأنت بعيد.. لأنك السماحة وبيت القصيد لأنك الأحلى.. فهل تأتي.. وهل أراك مرة أخرى في مكان ما.. في قلعة ما؟؟ فألعن أزمنتي التي أتقنت فنون الاختباء وأشكر الله ألف مرّة على لقائك وأفرش مصلاتي وأصلّي.. وأبتسم بين الركوع والسجود متلهّفة لنص الدعاء وأسلّم ..مرتين وأدعوه ألف مرّة للقاء آخر.. كم كنت صغيرة في حضرتك كم كنت ذاهلة وكم كنت مذهلاً.. زمان مرّ على لقائنا الصدفة ولكنني ألتقيك كل يوم هنا في مقالة أو في قصيدة عصماء. لك منّي الشوق كلّه وكل حرف هو للرجاء بأن تعود.. وكن بخير ياطبيبنا الشاعر. اعذر كلماتي إن جاءتك فقيرة ولكن ما بيدّي سوى الفقر أمام حروفك الفاحشة الثراء.. دمت بركاناً أستمدّ منه ناري وحجارتي وبهائي.. دمت نهراً يجري فينا وننهل حدّ الامتلاء.. محبّتي.. مدخل للخروج: من عبر إليك تصدع في صحراء البحر وذاب.. من قام بأرضك هاجر منك إليك تشبع ثم انساب.. واحترق سكونك في أجراس الصمت وغاب.. جدد للذنب صهيل العفو وشتت ضوء الشمس القاطن في الأهداب..