واليوم نذهب طوعاً وبملء ارادتنا.. وفي تمام عقلنا.. إلى مادة «الحساب».. وهي أثقل المواد إلى قلبي.. بل أكاد أنفجر غيظاً.. ومنذ أول يوم في دراستي.. وحتى زمن الناس هذا.. عندما تكون الحصة «حساب».. أو عندما يأتي ذكر «الحساب» حتى ولو عرضاً ليصك أذني.. والحساب الذي أعنيه يا أحبة هو «الرياضيات» وبمعنى أدق.. هو واحد+ واحد يساوي إثنين.. الحصة يا أحبة.. ليس حصة عادية.. تبدأ بقرع الجرس لبداية الحصة.. وقرعه مرة أخرى إيذاناً بانتهاء الحصة.. هي امتحان «عديل» ولكن فقط للأحبة في الانقاذ.. وأعني بهم الذين يصنعون القرار ويقبضون في صرامة على كل مفاصل الدولة.. ويجلسون تماماً أمام أبواب ومنافذ.. وشبابيك.. الخزائن التي تئن بالأموال.. الامتحان حصري على الوزراء اتحاديين وولائيين.. للولاة وللمعتمدين.. لصقور وحمائم المؤتمر الوطني.. أولئك الذين امتلكوا الوطن بالكامل.. واحتكروا التصريحات الناعمة منها والتي هي أشد صلابة من «الظلط» الامتحان لكل من كان راتبه الشهري مع مخصصاته «تجنيباته» من خمسة مليون جنيه «بالقديم» وما فوق.. لن أعطي ورقة امتحان واحدة للبؤساء من الانقاذيين.. والذين هم مثلنا تماماً في قبيلة «الحرافيش» البائسة الفقيرة المنهكة.. هؤلاء «مساكين» صدقوا ويا مؤمن يا مصدق.. لأن لهم أشواقاً هائلة للاسلام الوضيء المضيء.. صدقوا.. إنها فعلاً لله.. وليس للسلطة أو الجاه.. أولئك الذين يجتاحهم الفرح العاصف.. وهم يتقافزون و «يعرضون» ويرفعون العصي.. عندما يهدر قادتهم بالهتاف الداوي.. لا لدنيا قد عملنا.. وكل هؤلاء غير معنيين بالامتحان فقط عليهم «المراقبة» الصارمة في قاعة الامتحانات.. أما الذي أوحى لي بوضع هذا الامتحان هو تلك المباراة أو التمثيلية الرهيبة والتي كانت نتائجها هو رفع الحد الأدنى للأجور إلى 425 جنيهاً.. كان يمكن أن أقول مفاوضات شاقة وقاسية.. وكان يمكن أن أقول صراعاً بين السيد علي محمود وزير المالية.. والبروف غندور رئيس اتحاد نقابات عمال السودان.. كان يمكن أن أقول ذلك.. لولا إني أعرف «زي جوع بطني» إن وزير المالية ركيزة راكزة في بناء المؤتمر الوطني.. وأن البروف غندور من ركائز بناء المؤتمر الوطني.. وأعرف أيضاً كما أعرف «اسمي» إن الميزانية لا يمر فيها حرف واحد حتى لو كان هذا الحرف في رقة النسيم أو معتمراً طاقية الاخفاء.. لا يمر هذا الحرف الا اذا «زار» النادي الكاثوليكي.. وباركه وأقره «الإخوان» هناك.. وبوجود السيد وزير المالية وحضور البروف غندور.. وأعرف أيضاً إن مجلس الوزراء «أعلى سلطة تنفيذية» في البلاد قد بارك كل رقم في الميزانية.. وأعرف أيضاً إن المؤتمر الوطني.. الذي لم ولن يقول «لا» للحكومة حتى وإن «لخبطت» الملح بالسكر. إذًا هي ليست صراعاً دامياً أو ناعماً بين وزير المالية والبروف غندور.. وكان يمكن أن نطلق عليها «تمثيلية» ولكن خفت أن يغادر الجمهور المسرحية من الفصل الأول.. ولكن لأني من الوسط الرياضي البديع.. وتحديداً من «المجانين» بكرة القدم فقد.. اخترت لها اسماً وفعلاً شائعاً في أنديتنا.. وهو «تمرين في شكل تقسيمة.. أو الفريق المرشح ضد «المرابط».. إذًا هي مباراة داخلية وتمرين تحضره الجماهير.. جماهير النادي المعني.. وللايضاح نقول.. مثلاً اذا كان الأمر يتعلق بفريق المريخ.. يكون الفريق المرشح هو «الأحمر» و«المرابط» هو الأصفر واذا كان الأمر يتعلق بالهلال.. يكون الفريق المرشح هو «الأزرق» و«المرابط» هو الأبيض.. ولأنه تمرين «عادي» أو منتخبات داخلية.. لا تكون هناك «صفقة» أو تشجيع.. وبالطبع ليس هناك تشنج ولا «كواريك» كما لن يكون هناك «غالب» أو «مغلوب».. وفي مثل تلك التمارين تجد أن الجماهير لا تتابع المباراة بالعيون والحواس والأعصاب.. بل تكون «الونسة» بين الجماهير أكثر كثيراً من تجول العيون في «الملعب» ومتابعة التمرين. المهم إن «التقسيمة» بين السيد علي محمود والبروف غندور قد انتهت بنتيجة 425 جنيهاً كحد أدنى للأجور.. بكرة يبدأ الامتحان والذي سوف يكون زمنه هو عشرون ساعة وبعدها يضع الكل قلمه.. ونبدأ التصحيح.. كل الذي نرجوه أن يذاكر الأحبة الممتحنون جيداً.. حتى لا يسقط أحد..