معروف ان الفنانة الكبيرة عائشة الفلاتية قد طافت بمعظم ان لم يكن كل انحاء السودان وهى تنثر إبداعاتها العاطفية والحماسية، وامتد نشاطها الى الكثير من الدول الافريقية، ومن بينها مسقط رأس أسلافها (نيجيريا)، فعند أحد احتفالاتها بعيدها الوطني استقدمتها وزارة الاعلام النيجيرية بدعوة خاصة، وذلك لمكانتها الكبيرة في قلوب النيجيريين، وكانت تحفظ بعض الأغاني بلهجات القبائل النيجيرية فأدتها بألحان سودانية مما لاقى استحساناً كبيراً. وتقول المعلومات الموثقة ان الفنانة عائشة الفلاتية اثرت الساحة الغنائية باكثر من (100) أغنية منها (50) أغنية مسجلة في الإذاعة السودانية وحوالي (56) أغنية مسجلة في القاهرة، ويقول ذوو الاختصاص إن عائشة استفادت كثيراً من الذين كانوا حولها من الشعراء والمطربين والعازفين ممن كانوا في ذلك الوقت، لأن المجتمع الفني آنذاك كانت لديه حميمية وتواصل، ويشار الى انها غنت مع الفنان الكبير عبد الحميد يوسف في اوبريت، وكررت التجربة مع أحمد عبد الرازق في أغنيته (الريدة.. الريدة)، كما الفت لها شقيقتها خمسة ألحان قامت بأدائها، وهى نفسها معروفة بنظم وتلحين واداء الكثير من أغانيها. وللطرافة والتوثيق اسوق هنا قصة تسجيل عائشة لاغنياتها في القاهرة، مقتطفاً من حوار قديم اجراه معها الصحفي الراحل رحمى محمد سليمان، ففي إجابة لها تقول بلهجتها العامية:« اصلو يا ود أمي.. في واحد راجل صعيدي مولد هنا اسمو محمد زقالي بيعرفنا.. يقوم يجي من مصر واحد خواجة اسمه ميشان.. ميشان بتاع الاسطوانت.. ده كان جاى يسوق غنايين يسجل ليهم اسطوانات في مصر.. طلب من زقالي يفتش ليهو عن واحدة بتعرف تغني.. قاموا جوني فوق البيت وطلبوا منى أغني، وغنيت ليهم غنا الزمن داك البعرفو.. الخواجه انبسط جداً، وكنت بتمنى يقول لي قومي تسافري معانا، وكنت عاوزة أبقى مشهورة.. قول يا سيدي.. الخواجة قال صوتها جميل جداً وتقوم معانا، أبويا حلف بى جدودو انو ما ممكن، وقال يا جماعة أنا مصر دى ما شفتها ، كيف بتي الصغيرة دى تمشي ليها؟» تواصل الفلاتية « وبكيت وزعلت، والخواجة قعد يترجى ابوى وقال إنو مسئول عن أى حاجة تحصل لي» . وتواصل عائشة « في النهاية الخواجة عمل معانا كنتراتو بعشرين غنوة بي ستين جنيه..» ! وتواصل « قول يا زول سافرت مصر.. والخواجة سكنت معاهو في بيتو مع زوجتو واختو ووليداتو.. وأول اغنية سجلتها اسطوانة (يا حنوني عليك بزيد في جنوني).. الخ» .... ان الفلاتية أول رائدة سودانية تتمرد على تقاليد الحجاب التى فرضها الاستعمار التركي وتقتحم الحياة العامة بكل جرأة وشجاعة قبل أكثر من نصف قرن من الزمان لتفتح للمرأة السودانية آفاقاً جديدة .. عليها الرحمة ..