انتظمت البلاد حركة دؤوبة من قبل بعض المراكز السياسية والجامعات والاحزاب في اقامة الورش القانونية والثقافية للتعريف بالدستور والنقاش حول كيفية الاعداد له في المرحلة المقبلة مع توافق دعوة الحكومة وتكوينها للجنة العليا للدستور ودعوتها لكافة الاحزاب السياسية بالمشاركة والاسهام بالآراء فيها. اتجهت أحزاب المعارضة الى إعلان رفضها في الدخول الى اعداد دستور وصفته بالمعد سابقاً، من قبل الحكومة ولهذا لن تكون «تمومة جرتق» على حسب وصفها في وسائل الاعلام كرد فعل لدعوة الحكومة لها،، ومن جانب آخر قالت الحكومة ان ما تردده المعارضة عن الدستور الجاهز هي اوهام تسوقها لغاية في نفسها وهي اسقاط الحكومة.. ويبقى الجدل الدائر حول اعداد الدستور للسودان في مرحلة ما بعد الانفصال بعد ان فقد دستور 2005م الانتقالي بعض ميزاته، لانه يتضمن مواد خاصة بالجنوب والشاهد ان الساحة السودانية شهدت تجاوزات للعديد من الآراء بحسب مراقبين سياسيين يرون ان هنالك خيارات متعددة مطروحة الآن في طاولة البحث عن دستور دائم للسودان في هذه المرحلة الدقيقة من التاريخ. وعزوا تلك الخيارات المتعددة الى الصراع الفكري الدائر ما بين القوى السياسية المختلفة، مشيرين الى ان الدستور لا يحتاج الى كل هذا الجدل العقيم والذي يؤخر البلاد، فبعد خمسين عاماً من الاستقلال ما زال السودان كدولة لها تاريخها السياسي تبحث عن حالة وفاق وطني حول دستور دائم يشكل لها اساساً سليماً للحكم ،فذاكرة التاريخ تحمل اكثر من دستور عبر على طاولة البرلمان ابتداءً من 1954م حتى 2005م.. اكملت اعدادها لتسع دساتير.. الجامعات طرحت مبادرة لدستور السودان المستقبلي من خلال كتاب جمعت فيه الآراء لمفكرين وجامعيين تبنت فكرته جامعة الاحفاد بواسطة معهد الجندر، ودراسات السلام، وحقوق الانسان وستعقد لها مؤتمراً عاماً لوضع التوصيات بجانب المبادرة الدستورية لمنظمات المجتمع المدني، وكذلك هنالك دعوة الحكومة وتكوينها للجنة العليا للدستور الاسلامي.. ودعوى المعارضة ايضاً الى دستور علماني، أو بأسم دستور الدولة المدنية، من جانبها ايضاً الحركات المسلحة بدارفور لها رؤيتها في مسألة الدستور الدائم القادم بالبلاد وهي التي وقع بعضها وبعضها الآخر لم يوقع، فحركة جيش التحرير والعدالة الموقعة لاتفاقية الدوحة قالت عبر أمينها العام علي حسين دوسة بأنها لن تشارك في اعداد الدستور!! ما لم تضمن فيه وثيقة الدوحة، وكذلك انها لم تتحول بعد الى حزب سياسي، كغيرها من الحركات الموقعة على السلام بسبب التأخير في الإجراءات للترتيبات الأمنية. واشارت الى ان الوقت الآن ليس مناسباً للحديث عن الدستور بسبب الحروبات القائمة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وتردي الحالة الاقتصادية. واشارت أمينة المرأة في الحركة الاستاذة زينب داؤود الى ان الدستور يحتاج الى توافق وطني شعبي، يجب استصحابه بعد اقامة انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، يتم بتكوين جمعية تأسيسية، بعدها تطرح الدستور على الشعب في استفتاء شبيه بما حدث في مصر، وجاء ذلك في ندوة عقدتها الحركة بدارها حول الدستور «إضاءات وآراء». ويظل الجدل دائراً مع بداية أعمال الورش القانونية الخاصة بالاعداد للدستور الدائم للبلاد عبر اللجنة السياسية بالبرلمان، والتي ستكون رافداً للجنة القومية العليا للدستور دون استثناء لاحد.. فهل ينجح السياسيون في اعداد دستور توافقي!!