فقه الخلاف والاختلاف.. هذه الكلمات دائماً ما تقال عندما تكون القضايا المطروحة قضايا دينية، أو جرت العادة على ذلك، ولكنني أريد أن استخدمها الآن لمعالجة القضايا الاجتماعية، والتي هي عادة ما تكون مرتبطة بجوانب نفسية، وسأحاول التركيز على المشاكل الأسرية.. نعم الأسرية ولا يهم حجم الأسرة إذا كانت ممتدة أو صغيرة، فليس هناك من ينكر أن المشاكل أو الخلافات الأسرية متعددة الأسباب، منها ما يكون بسبب الزوج أو الزوجة.. الأخ أو الأخت.. العم أو الخال مع أبناء أشقائهم.. زوجات الأب وزوج الأم.. وغيرها من القرابات باختلاف درجاتها.. ومنها ما تكون حديثاً وتنتهي بانتهاء المشكلة.. ومنها ما يأخذ شكل المقاطعة المؤقتة ومنها ما تطول فترة الخصام فيها. ومنها ما يورث، فيمتد لأكثر من جيل.. وأعتقد أن هذا أخطرها لأنه يرتبط أولاً بسبب المشكلة.. ثانياً بنوع الألفاظ والأحداث التي استعملت فيها.. وثالثاً بالتجريح والتقليل من قيمة الكبار، وهذه الأشياء هي السبب الحقيقي لتعميق المشكلة وامتدادها ويمكن لأي منكم أن يحاول تذكر أي مشكلة حدثت له أو لمن حوله، ويقيسها هل هي طويلة المدى أو متوسطة أم بعيدة.. فإذا جمع خيوطها سيعرف أن ما ذكرته آنفاً صحيح، فالكلمات والمواقف مثل الأسلحة فمنها الذي يسبب الأذى البسيط، ومنها ما يسبب الأذى الجسيم، ومنها القاتل، ومنها الذي يؤثر على «جنا الجنا» مثل الأسلحة النووية، فهاهي هيروشيما تعاني منها حتى الآن، وأعتقد أن للحلفاء في هذه المشاكل دور كبير، فمنهم من يطفيء المشاكل في مهدها ومنهم من يزيدها ناراً فيزداد التهابهاً ويطيل أمدها وعمرها. لذا لا بد من التفكير في المشكلات الاجتماعية والعمل على تدريب النفوس على عدم التهور، وبل وتدريب العقل واللسان أيضاً حتى يفكر فيما بعد الحدث فتخرج الكلمات في حجمها الطبيعي وتنتهي بانتهاء الحدث، أما استخدام الألفاظ الجارحة أو الاساءة البالغة أو التذكير بنواقص الآخرين أو تجريحهم بأشياء لا علاقة لها بالمشكلة أو التركيز على مشاكل سابقة، فهو ما يولد الأحقاد ويملأ القلوب بالسواد، ويراكم المواقف.. لذا أردت أن يوطن كل شخص نفسه على أدب للخلاف مع الآخرين، وهذه المسألة تجعل منه شخصاً صادقاً مع نفسه والآخرين، وبالتالي يعيش هو والمجتمع في سلام..