دخل الشاعر الكبير الأستاذ اسحق الحلنقي هذه الأيام في حالة من التوتر الشديد بسبب مشاركة بعض الصحفيين في المهرجان الثقافي السياحي الثالث بمدينة كسلا خلال أيام، ويرتعد الحلنقي خوفاً وهلعاً منهم رغم علاقة الصداقة القوية والمتينة التي تجمعه بهم، وعلمت مصادر مقربة من الحلنقي بأنه يخشى على نبش ذكرياته في كسلا بالأقلام الصحفية، خاصة وأنها مليئة بقصص وحكايات لأجمل الأغنيات التي سطرها في فترة عنفوان الشباب المليء بالمغامرات، وخلدت أجمل الأغنيات في الساحة، وظل الحلقني يتستر على قصصها ولا يبوح بها على الإطلاق متعمداً ذلك، ودخل الحلنقي في هذه الحالة من التوتر بعد أن توعده أحد الصحفيين الشباب- من المسافرين معه لكسلا لتغطية المهرجان- بأن يكشف حقيقة وأسرار أغنياته التي كتبها في كسلا أيام الشباب مثل «الأبيض ضميرك» للفنان الطيب عبد الله و«العنبة» وقصة «حبيت عشانك كسلا» للفنان التاج مصطفى، بجانب التوثيق لمكان وزمان وحكاية أغنية «ساعة الغروب» للفنان ابراهيم حسين، بالإضافة للبحث عن الشخصية التي هرول وراءها الحلنقي كثيراً حتى هتف بأعلى صوته بعد أن يئس منها قائلاً: «أسمعنا مرة» للفنان خوجلي عثمان، ومعرفة أين انكوى قلب الحلنقي في كسلا عندما كتب «جربت هواهم وقليبي انكوى» للفنان محمد عثمان وردي، وغيرها من الأغنيات التي كتبها في أيام شبابه في كسلا مثل «فايت مروح وين» و«شربات الفرح» الذي وزعه الكابلي، و«الطير الخداري»، و«حمام الوادي يا راحل».. وبعد أن سمع الحلنقي حديث الصحفي الشاب هلع وارتعد خوفاً من نبش المسكوت عنه في قصائده، والذي تستر عليه لسنوات طويلة، رافضاً الإفصاح عنها وعن شخصياتها، فدائماً ما يرد بسرعة «لا.. لا.. لا»، ويواصل رده قائلاً: هذه الأغنيات كتبتها وأنا لم أزل طليق الأجنحة، لم أدخل بعد القفص الذهبي الموشح بالرياحين، ويضيف: حبيت ناس كسلا عشان هم من كسلا، لأن نصف أغنياتي وأصدقها كتبتها في هذه المدينة الجميلة، وما مشيت إجازة لكسلا إلا وكتبت فيها أغنية، وبصراحة لو زرتها ساعة واحدة بس بنظم فيها قصيدة لأنها الملهمة، وتحمل كل العوامل المساعدة لكتابة الشعر، لجمالها واخضرارها ويشرب زرعها من عيون غير مرئية، وكل فصولها تتجمع في فصل واحد هو الربيع المعدوم في كل مدن السودان إلا في كسلا.. ووجه الحلنقي إنذاراً شديد اللهجة للصحفي الشاب قائلاً: تمشي كسلا معانا وتغمض عينيك وحواسك الصحفية مع ذكريات أغنياتي، وبعد ما يخلص المهرجان تعمل «حمام الوادي يا راحل» وما عندك علاقة «بالعنبة» بتاعتنا دي رامية وين سامع ولا لأ.. فضحك الصحفي الشاب وزاد عناده أكثر متوعداً الحلنقي بنبش ذكريات أغنياته في كسلا.