يلعب الإعلان دوراً محورياً في الترويج للسلع والخدمات، ويمكن لعبارة إعلانية بسيطة ومركزة أن تقلب أرقام المبيعات رأساً على عقب، والإعلان فن له أصوله وشروطه لا يتقنه إلا أصحاب المواهب والملكات الفنية وذوو الاختصاص، لذا ينصح دائماً بالاستعانة بوسطاء إعلان متخصصين من أصحاب الوكالات الإعلانية ومصممي الإعلانات لتنظيم وقيادة الحملات الدعائية وبرامج الترويج وأحياناً قد يأتي بنتائج عكسية لمحتواه إذا تضمن إشارات مسيئة أو خادشة للحياء أو تعرض بعبارات عنصرية أو عرقية. الإعلان المصرّح بنشره من قبل وزارة تنمية الموارد البشرية- الإدارة العامة للاستخدام الخارجي وهي إحدى الوزارات الحكومية المعنية بالعمل وتنمية الموارد البشرية والذى جاء فيه إعلان الإدارة العامة للاستخدام الخارجي عن وظائف بإحدى دول الخليج وكان شرطه كما جاء ما بين القوسين «للجنس اللطيف» فقط!! في وظائف معنية بالضيافة والكول سنتر والفنادق والمبيعات، وجاء ضمن الشروط في الإعلان أن تكون الفتاة جميلة الشكل وذات بشرة غير داكنة «اسم الدلع» لبشرتنا السمراء، مع مطلوبات أخرى تمثلت فى عدد ثلاث صور مختلفة وملونة وعدم وجود عمليات جراحية سابقة.. انتهى الإعلان المثير والذي نشر في إحدى الصحف الأكثر انتشاراً وتوزيعاً دون رقابة أو معرفة للمحتوى مما أثار الرأي العام السوداني خاصة في المنتديات الالكترونية والتي رصدته بالصورة والتعليق في سؤال ضروري عن المسؤول عن ذلك وهل هي الصدفة وحدها التي كشفت مثل هذا الإعلان.. الأستاذ عادل محمد الأمين المحامي يرى أن الإعلان فيه مواد تتعارض مع ميثاق الأممالمتحدة حول التمييز باللون أو الشكل أو العرق وكذلك الدساتير الوطنية التي تنص على أن لكل مواطن الحق في العمل بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق ويكون التنافس الحقيقي هو المؤهل الأكاديمي، وأضاف في حديثه لآخر لحظة أنه يمكن لأي شخص رفع دعوى قضائية إذا تم استبعاده لشغل وظيفة بسبب لونه أو عرقه وأن ما جاء في الإعلان هو عنصرية وانتقائية واضحة وعدم مهنية لأنه يمس المرأة السودانية بتمييز اللون والجنس والشكل وهذا انتقاص للحقوق وانتهاك صريح لها مقابل التنافس حول فرص العمل. من جانبه أكد الخبير الإعلامي في مجال الإعلانات عوض أحمد وصاحب شركة للإعلانات أن الإعلان تخضع كلماته لضوابط عديدة حتى لا تمس الأخلاق أو تدعو إلى عنصرية أو قبلية، ويراجع جيداً لتفادي استغلاله من قبل جهة معينة لتمرير رسائل مختلفة سواء كانت سياسية أو اجتماعية لغرض ما، وأضاف في هذا النموذج الإعلاني الذي قرأناه توجد أخطاء واضحة ومساس بالمرأة السودانية وأن الإعلان يقدم المرأة كأداة بيعية وأسلوب نخاسة مشوه على الرغم من أن الإعلان يمكن تقديمه بطريقة تحترم آدمية المرأة من حيث التمييز وإن كانت النية غير ذلك لكن الكلمات واضحة ولم يستبعد أن يكون هذا خيار الجهة الطالبة للوظائف في الدولة المعنية وطبيعة الوظائف، مشيراً إلى أنه كان يمكن أن يكون الاختيار بحسب المطلوب من داخل لجنة لا أن يعلن عنه بهذا الشكل، وتساءل كيف مر هذا على الصحيفة التي نشرته بهذا الخطأ الواضح. ويبقى الجدل دائراً حول فوضى الإعلانات وتاثيرها على المجتمع خاصة وسط استخدام المرأة في العديد من الإعلانات، وخلال ندوات يوم المرأة العالمي طالب الكثير من أساتذة الجامعات و الصحافة والإعلام بضرورة وضع ميثاق شرف إعلاني لتحسين صورة المرأة في الإعلانات وفقاً للمعايير الأخلاقية التي يقرها المجتمع وانتقدوا صورة المرأة في الإعلان وصورة توظيفها والشروط التي توضع لذلك وقالوا: إن ممارسات المعلنين لا تروج للسلعة بقدر ما تركز على المرأة كأنثى مما يخل بالرسالة التي يسعى الإعلان إلى توصيلها، مستنكرين استخدام المرأة كأداة للإثارة في الإعلانات أو التوظيف وأكدوا على ضرورة تولي المجتمع المدني المسؤولية في إنشاء مراصد لمتابعة وتقييم الانتهاكات التي تضر بصورة المرأة في الإعلانات. والجدير بالذكر أن الصحيفة الأكثر انتشاراً وتوزيعاً قد نشرت تنويهاً تضمن اعتذاراً لما جاء في الإعلان الذي نشر ومحاسبة المسؤول عن ذلك بعكس وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل ومكتب الإستخدام الخارجي التي جاءت على ترويسة الإعلان ولسان حال الجميع يقول من المسؤول بعد أن عمّ الخبر القرى والحضر؟