الهجوم الغادر على مناطق شمال كردفان من قبل قوات ما تسمى بالجبهة الثورية وقطاع الشمال، خلف آثاراً إنسانية كبيرة وسط مواطني تلك المناطق الآمنين، تسببت في فقدانهم لذويهم وممتلكاتهم التي تم نهبها وتعرضهم للخوف والهلع والضغط النفسي. . «آخر لحظة» جلست مع وزيرة الشؤون الاجتماعية بولاية شمال كردفان الدكتور سلمى الطاهر وفي تصريحات صحفية أفادت بالموقف الأخير لوزارتها وحصيلتها من المتابعات المتواصلة عبر لجنة عليا لمتابعة الأحداث تم تكوينها من قبل حكومة الولاية بالتنسيق مع ولاية جنوب كردفان لوقوع الأحداث ما بين حدود الولايتين.. فإلى تفاصيل تصريحات الوزيرة حول آخر الأوضاع : كيف تقرأين ما حدث من هجوم من قبل الجبهة الثورية على مناطق في شمال كردفان وتحويل المعركة إلى مناطق آمنة؟ - ما يسمى بالجبهة الثورية تهاجم المواطنين العزل وتروعهم وتنهبهم وهي تدعي أنها تبحث عن عدالة وعن حقوق وهي في حقيقة الأمر ليست لها مباديء أخلاقية، بل تنتهك الحقوق وتقتل المواطنين، والدليل على ذلك ما أحدثته من ترويع في مناطق أبو كرشولا وأم روابة من قتل وحرق ونهب لممتلكات المواطنين الأبرياء وهى كانت تستهدف مدينة الأبيض ولكن عندما صعب عليها الأمر بعد أن أحكمت الحكومة وجودها على كافة المنافذ، انكفأت على أدراجها واختارت طرق مدروس بمساعدة من يدلهم عليها من الطابور الخامس لتنتقم في مدينة أم روابة الآمنة والتي لا توجد فيها غير قوات شرطية بسيطة وهي مدينة تجارية اقتصادية، وما أحدثته ما يسمى الجبهة الثورية فيها ما هو إلا فرقعة إعلامية لتقول نحن موجودون ولكننا نقول لها إن القوات المسلحة لن تنهزم وسوف تحسم المعركة والآن تعمل على ذلك وتتقدم إليهم وتحاصرهم ولن تقف حتى تنهي التمرد.. هذا عن الموقف العسكري بعد الأحداث حدثينا عن الموقف الإنساني للنازحين والمتضررين من الأحداث في المناطق التي تعرضت للهجوم بالولاية؟ - أولاً دعني أصحح لك أن هؤلاء المواطنين هم المتأثرون بالأحداث وليسوا نازحين حتى لا تؤخذ الكلمة كما كان في دارفور ويتكرر سيناريو الإغاثات والحملات الإعلامية، صحيح هنالك مواطنون روعوا وقتل أهلهم لكن حكومة الولاية الآن تعمل على إيوائهم في مدارس وتوفر لهم متطلبات الحياة من غذاء وصحة ومياه بصورة عاجلة، وحتى الآن لدينا ما بين 2 إلى 4 آلاف متأثر بالأحداث يتم استقابلهم بخمس مدارس مختلفة في الرهد، وقد وصلت الأعداد إلى 2.300 متأثر حتى الآن، وهنالك احتمال لقدوم آخرين فتزايد الأعداد وفقاً لمجريات الأحداث هناك في أبو كرشولا المهاجمة والتي عاث فيها هؤلاء الفساد والتقتيل، ونحن كحكومة وحدة وطنية بولاية شمال كردفان وبقرار من والي الولاية الأستاذ معتصم زاكي الدين تم تشكيل لجنة عليا لإدارة الأزمة الإنسانية من كافة الأحزاب معارضة أو في الحكومة، وهنا أشير إلى تلاحم القيادات السياسية في الرأي ورفض العدوان وإدانته. ماذا تم من إعداد على مستوى وزراتكم بخصوص الأوضاع الإنسانية؟ - منذ الوهلة الأولى وعلى مستوى وزارة الشؤون الاجتماعية تم التنسيق مع وزارة الصحة وكل أذرعتها لتوحيد الجهود في خندق واحد والعمل على متابعة الموقف الإنساني والصحي والبيئي وتوفير الكوادر الطبية واستنفارها بالمدن الثلاث الأبيض وأم روابةوالرهد، وتم إرسال قافلة من 20 سيارة محملة بالمواد الغذائية والعينية للمتأثرين بالرهد وتكوين غرفة طبية لاستقبال الدعم الطبي من أدوية ومعينات صحية يقوم على إدارتها أطباء من وزارة الصحة ومساعدون طبيون بالإضافة لاستقبال الكوادر الطبية القادمة من الولايات وحتى القابلات والزائرات الصحيات تم إعدادهن لاستقبال النساء الحوامل ومساعدتهن في مثل هذه الظروف الصعبة، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة العون الإنساني بولاية جنوب كردفان والعمل سوياً في الإدارة وتقييم الأوضاع وتقديم المساعدات في حينها... مقاطعاً: لكن حجم المشكلة كبير بخصوص المتأثرين من المواطنين خاصة أن الغالبية منهم أطفال ونساء ورجال كبار في السن روعوا وصدموا مما شاهدوا من قتل لأفراد أسرهم، كيف تتعاملون معهم وهناك منع لدخول منظمات غير وطنية للعمل؟ - صحيح أن الموقف الإنساني كبير ويحتاج لجهد أكبر لاحتواء الآثار النفسية والصحية والبيئية الناجمة عن الأحداث ولكننا نستطيع أن نسد هذا الجانب من العمل الإنساني حتى لا نترك مجالاً للمنظمات غير الوطنية للتدخل والعبث بالمعلومات وتضليل الرأي العام مثل ما حدث في دارفور، والآن هنالك منظمات وطنية مثل الهلال الأحمر ومنظمة مبادرون تعمل في الميدان وتغطي كل المدارس التي بها المتأثرون من مواطني أبوكرشولا والمناطق المجاورة، ولا ننسى جهد مواطني الرهد الذين وقفوا مع النازحين بكل ما يملكون من مال وثياب وغذاء، وكذلك مواطنو أم روابة رغم تعرضهم للهجوم استقبلوا أعداداً من المتأثرين في منطقتهم وهذا هو الشعب السوداني في تلاحمه وتعاضده ضد المحن، وكذلك استقبلنا قوافل من ولايتي الجزيرة 30 دفار مواد غذائية وعينية، والنيل الأبيض وزيارات وفود حكومية وشعبية ما زالت تتوافد على الولاية لتقديم العون والمساعدات، لهذا أقول لا داعي لدخول المنظمات غير الوطنية ونحن قادرون على تنفيذ واجبنا تجاه مواطنينا. وماذا عن الترتيبات الأمنية لأوضاع المتأثرين خاصة بعد الحادث الذي تم فيه قتل اثنين من الطابور الخامس في الرهد، واقصد انتشار السلاح في محيط المتأثرين؟ - صحيح أن المواطنين الذين جاءوا ووصلوا إلى منطقة الرهد بعضهم من قوات الدفاع الشعبي ويحملون أسلحتهم وحدث أن وجدوا اثنين من المندسين والخونة وتم قتلهما مباشرة ولكننا كحكومة تم احتواء الموقف بتعيين لجان من المواطنين للتأمين في الدخول والخروج ولضبط مثل هؤلاء المندسين حتى لا تحدث بلبلة وإخلال بالأمن بالمدارس التي فيها المتأثرون وتتحول إلى كارثة أخرى، فتم جمع الأسلحة والاحتفاظ بها وهنالك سيطرة أمنية كاملة من قبل الجهات المختصة أمنياً بالولاية. هنالك حديث عن تصفيات لأثنيات معينة وتفشي القبيلة تمت ممارستها من قبل ما يسمى بالجبهة الثورية وقطاع الشمال كيف تقرأين هذا المؤشر الخطير؟ - هذا مؤشر خطير وفقاً لما قاله الناجون من القتل في مناطق أبو كرشولا والذين رووا لنا مآسي تشيب لها الرؤوس بسبب القتل الأثني القبلي، حيث قالوا إن قوات ما تسمى بالجبهة الثورية كانت تسأل عن قبيلة معينة وأثنية معينة وتمارس ضدها القتل رمياً بالرصاص وآخرين تم ذبحهم بوحشية أمام أسرهم، بل يقال إن هنالك جزار تم تقطيعه وقيل له كما كنت تقطع اللحم نقطعك، بجانب تدميرهم لأكثر من 30 مسجداً وخلوة قرآنية وهذا أيضاً استهداف للإسلام وتصفية للمسلمين وقصد واضح، لأن المساجد والخلاوى ليست لها علاقة بالمناطق العسكرية أو الحروب، فهؤلاء مدنيون عزل وكل هذه الروايات موثقة وصحيحة وسوف تسمعونها من المتأثرين والناجين من الأحداث والهجوم على أبو كرشولا، ونحن نرفض هذا النهج التميزي للقبائل والعداء غير الإنساني والقتل الظالم للمواطنين لأنهم مدنيون والقانون الدولي يدين ذلك في تشريعاته، ومن هنا أوجه النداء للمواطنين بضرورة الانتباه لمثل هذه الفتنة وأهمية أن نكون وحدة وطنية واحدة وضد القبلية ونعمل من أجل وطننا لنعيش بسلام، وهذا يحتاج منا لجهد كبير في وزارة الشؤون الاجتماعية لرتق هذا النسيج الاجتماعي الذي تسببت له هذه الأحداث في أضرار كبيرة وشرخ واسع. كلمة أخيرة؟ - علينا بالوحدة الوطنية ودحر المخزلين للقوات المسلحة والتي تعمل بجهد على المحافظة على أرض الوطن، وعلينا أن نعلي من قيمة الوطنية ونبذ القبلية والجلوس للحوار الوطني لحل كافة القضايا، لأن مثل هذه الحروب لا تفيد، بل تزيد من مشاكل الإنسان، وما حدث هو بشع بكل المقاييس أن تهاجم مدن آمنة ويقتل مواطنون بسبب العرق أو الجنس أو القبيلة، وهنا تتكشف أهداف ما يسمى بالجبهة الثورية وقطاع الشمال مما يمارسون من ترويع للمواطنين الآمنين والذين تركوا مزارعهم والخريف على الأبواب وممتلكاتهم التي نهبت، ولهذا لا حل سوى الحوار والمصالحة الوطنية والتماسك الوطني.