بمثل ما كان مشروع الجزيرة يقدم للسودان الدعم الكلي في دفع عجلة الاقتصاد، وشريكاً أصيلاً في تنمية المجتمع من خلال ما ينتجه المشروع من مختلف أصناف الغذاء، وهو الحاجة الضرورية لحياة الناس مما يؤكد ان مشروع الجزيرة هو الشريان الذي يضخ الدم الى القلب ليسلم الجسد كله، لنضمن بذلك استمرارية مسيرة النماء والتطور. ومن داخل أرض الجزيرة نبتت غراس كثيرة جاءت بالفائدة للوطن كله ومن بين تلك الغراس كانت جامعة الجزيرة ذلك الصرح التعليمي الناهض لتضيف الى الوطن دماءًا جديدةً تساهم في حركة البناء والتطور، والنهوض بالمجتمع اجتماعياً واقتصادياً، ومنذ ان انشأت الجامعة اظهرت تنافساً قوياً لجامعة الخرطوم التي لم تجد المنافس منذ إنشائها. إلا أن جامعة الجزيرة ولدت بأسنانها فقدمت نفسها كجامعة تمتلك مقومات البناء، وقد سارت منذ العام ستة وسبعين وتسعمائة والف في تميز لافت مكن لها من أن تتبوأ مكاناً علياً في مجال العملية التعليمية في وطني الحبيب السودان، فهي بحق جامعة مفخرة لولاية الجزيرة وأهلها وللسودان كله، وهي تخرج العديد من أبناء الوطن حاملي لواء العلم لغدٍ مشرقٍ. وقد حالف النجاح مختلف الادارات التي تعاقبت عبر العقود التي انصرمت والى يومنا هذا، وقد برز ذلك الجانب في درجة القبول التي تحظى بها من خلال رغبة الطلاب للإنتماء إليها والتخرج من كيانها. وفي الأعوام الأخيرة خرجت من داخل الجامعة فكرة إنشاء كلية مستحدثة هي كلية تنمية المجتمع تهدف الى تحريك الجانب الاسري المعطل، فدخلت البيوت لتستدعي اولئك النسوة اللائي يحتجن الى التعلم في ما يعينهن ويفيد مجتمعهن فكان ذلك من خلال كلية تنمية المجتمع التي مكنت دارساتها من أن يقمن بأعمال إنتاجية تعود بالفائدة عليهن وعلى محيطهن بكامله، وهي مساهمة قد يكون لها ما بعدها علاوة على أن بالكلية معلمين أكفاء يقدمون الدراسات الاسلامية التي تفيدهن في حياتهن الاجتماعية والدينية، وفي هذا رفع درجة الوعي لدى الكثير من النساء لتصبح بذلك الكلية بحق تنمية مجتمع، والكلية فتحت بابها لجميع الأعمار فانخرط داخلها حتى من هي في سن الجدة حيث الجدة وحفيدتها يتنافسن في نشاط واضح لإظهار إمكاناتهن المهنية، فنمت المهارات وظهرت الإبتكارات لتظهر حراكاً اجتماعياً اقتصادياً يساهم في سد حاجة الأسرة من خلال إنتاجهن من العمل اليدوي الماهر. وقد تخطت الكلية المدن لتنداح داخل الريف وهو أحوج ما يكون إلى مثل هذا الحراك التعليمي المفيد اجتماعياً !!فتم قيام أربعة وعشرين فرعاً للكلية «كلية تنمية المجتمع» في مختلف جهات ولاية الجزيرة المعطاءة وهو جهد مقدر، وتواصل مثمر يشكر عليه القائمون على أمر الجامعة والكلية.. في شهر مارس الحالي حدثت نقلة نوعية كانت بمثابة قفزة كبيرة وصلت بالكلية إلى أعماق الريف، عندما تم تخريج الدفعة الثامنة من دراسات كلية تنمية المجتمع فرع المسلمية -الشهيد عمر قرنبع- متنقل قرية عبد الرحمن التابع من فرع المسلمية وهو في نشأته الاولى حيث جاءت الكلية بثقلها كله مديراً وعميداً حضوراً بقرية عبد الرحمن ليشاركوا في تخريج دارسات متنقل قرية عبد الرحمن. ذلك المتنقل الذي أظهر أروع المشاهد، وقدم نفسه في أبدع ما يكونه من خلال ما حصلت عليه الدراسات ليؤكدَّن بذلك نجاح البرنامج فرسمَّن لوحةً زاهيةً تمثلت في- فن الحياكة وفن التغذية، ووضعن بفكر ثاقبٍ نمطاً جاذباً لمعرض التراث الذي لفت أنظار الحضور فجاء تخريج متنقل قرية عبد الرحمن حدثاً فريداً تناقلته الألسن، وقد كان لرئيس فرع المسلمية الأخ عبد الرحمن أبو حسن اليد العليا في جمال المشهد، وامتياز المخرج، وهو يضع بصماته من خلال خبرته الطويلة، فوقف الى جانب الدارسات فترة التحضير لمعرضهم، وقدم لهن كل ما يحمل من أفكار أفضت في الختام إلى أن تكتمل اللوحة وكانت روعة المشهد، والذي زاد التخرج ألقاً ومنحه التفرد رعاية الاخ الباشمهندس الصادق عثمان إبراهيم رجل الأعمال وصاحب شركة «جوب دليفر» الذي سخر إمكانات مادية مهولة لكي يخرج ذاك اليوم بتلك الصورة الرائعة وهو إبن قرية عبد الرحمن الذي ظل على الدوام يمد يده في مثل هذه المواقف فله كل الشكر. شهد التخرج نفر كريم من أبناء المحلية تقدمهم نائب المعتمد الى جانب جامعة الجزيرة ممثلة في نائب المدير وهو ليس ضيفاً بل مستضيفاً لمن حضر. وكان الحضور لطيفاً من عمداء الكلية بالجامعات وعدد مقدر من رؤساء أفرع الكلية بالمناطق المختلفة، كذلك كان الحضور منسقاً من الدفاع الشعبي الحصاحيصا. ورئيس الحركة الاسلامية بمحلية الحصاحيصا، و رئيس اتحاد الشباب محلية الحصاحيصا، وجمع إزدانت به القرية فكان له أثره في نفوس الدارسات الى جانب سكان القرية. وقد كان عريس ذلك التخريج الدكتور الطيب مكي عميد كلية تنمية المجتمع بالجامعة ذلك الرجل النشط الولوف الذي إستحق أن يتبوأ عمادة الكلية لقربه من الناس وسرعة تجاوبه مع كل من يلتقيه، فهو بحق شخص ذو صفات قيادية فريدة محببة الى النفوس. ختاماً ننبه الى أن نائب مدير الجامعة قد وافق على طلب ترفيع المتنقل إلى مركز نرجو ان يكون الوعد حقيقة حتى تستفيد القرى المجاورة لقرية عبد الرحمن.. ودُمْتِ للسودان يا أرض الجزيرة.