أعلن المشير عمر البشير رئيس الجمهورية في خطاب جماهيري عقب تحرير مدينة أبو كرشولا من دنس التمرد إغلاق الباب أمام التفاوض مع متمردي الجبهة الثورية وإلغاء جميع الاتفاقيات مع دولة جنوب السودان وإغلاق أنابيب النفط وقال:«نغلق أنابيب النفط في حال واصلت حكومة الجنوب دعمها للمتمردين ولتشربه جوبا وجميع الاتفاقيات تعتبر لاغية».. تهديدات الحكومة السودانية تنوّعت الآراء حولها، فريق يرى أن الخطاب لم يكن موفقاً ويبرر لذلك بأن ذلك سيعيد الدولتين للمربع الأول من المواجهات والحرب، وأن إيقاف ضخ النفط تترتب عليه أزمة اقتصادية.. بينما يرى الفريق الآخر أن الخطاب جاء موفقاً خاصة بعد نقض حكومة الجنوب السودان للاتفاقيات و ما تقوم به من خروقات ودعم لمتمردي الجبهة الثورية وحركات دارفور المسلحة، الأمر الذي يمس السيادة الوطنية خاصة بعد أحداث هجليج وأبو كرشولا مؤخراً. ولكن يبقى السؤال: هل الحكومة السودانية تريد اغلاق أبواب الاتفاق مع الجنوب؟! وما الذي يترتب على ذلك؟! هل تعود مرة أخرى لمعركة عض الأصابع؟. من الذي سيصرخ أولاً أن نفذت الخرطوم تهديداتها لجوبا؟!. واتفق المحللون السياسيون على أن تهديدات الحكومة السودانية بشأن إغلاق أنابيب النفط وإلغاء الاتفاقيات مع دولة جنوب السودان ما هي إلا رسالة شديدة اللهجة لجوبا. ويرى المحلل السياسي د.جمال رستم أن تصريحات الخرطوم والتي جاءت في أعقاب انتصار الجيش السوداني تمثل مطالبة مشروطة لجوبا بوقف دعم الحركات المسلحة والجبهة الثورية. وقال رستم: الخرطوم أرادت بذلك أن تضع جوبا في المحك أمام خيارين إما التوقف عن تقديم الدعم لمتمردي الجبهة الثورية وحركات دارفور ومراعاة الجنوب لمصالحة واقتصاد دولته باعتبار أن الجنوب هو المتضرر الأول والأكبر، بحسب رستم، من إلغاء الاتفاقيات خاصة النفط.. ويشير رستم إلى أن الخيار الثاني في تصريحات الخرطوم هو مضي دولة جنوب السودان في تنفيذ الأجندة الصهيوأمريكية، والاستمرار في دعم عصابات الجبهة الثورية وحركات دارفور.. وأشار رستم إلى أن التصريحات والتهديدات للجنوب من قبل السودان تحوي أيضاً رسالة للمجتمع الدولي والذي بدوره سيضغط على دولة الجنوب في ضرورة الالتزام بالاتفاقيات مع السودان أو المضي في رهان خاسر لكل من الدولتين والعودة مرة أخرى للمواجهات والحرب التي يتفق الجميع على أن أبعادها وآثارها وافرازاتها على الإقليم لن تقف عند الحدود السودانية الجنوبية وعلى الدولتين فقط، ولكنها تمتد وتؤثر على المحيط الإقليمي.. ووصف رستم خطاب الرئيس البشير بالموفق خاصة بعد تحرير أبوكرشولا والسيطرة على الأوضاع، وهي رسالة للجنوب في موقف أقوى وأفضل على حد قول رستم الذي أضاف بالقول إن الجنوب سيكون في موقف صعب إن نفذت الحكومة السودانية تهديداتها إن لم تتوقف عن دعم المتمردين. يتفق المحلل السياسي د.عمر عبد العزيز مع رستم في أن الخطاب وتصريحات حكومة السودان جاءت في وقتها المناسب، بل يرى عبد العزيز أن تهديدات الرئيس البشير لابد منها، لأن الجنوب أخلف ونقض العهود مرة واثنين و ثلاثة وأربعة وينقض ويدعم ويلطخ يديه بالدماء ويروع المواطنين إلى أن تورط في عملية أوسع، يقصد بذلك أحداث أبو كرشولا، ويضيف بالقول إن العلاقة مع دولة جنوب السودان إما أن تقوم على احترام وتعاون وإما أن تتوقف لأن السودان لن يموت أن توقف أنبوب النفط على حد قول عبد العزيز الذي يشير إلى أنه على السودان أن لا يضحي بالسيادة الوطنية لأرضه لأجل النفط والتخوف من الأزمة الاقتصادية.. وقال عبد العزيز يجب أن تتوفر العزائم لأجل مقاومة الأزمة الاقتصادية ووضع الدولة لمعالجات سريعة، مشيراً إلى أن الجنوب الذي ينفذ الأجندة الخارجية الإسرائيلية مستخدماً الأصابع الإقليمية والداخلية من أبناء الوطن هو المتضرر الأكبر حسب عبد العزيز في إلغاء الاتفاقيات مع السودان. وخالف المحلل السياسي بروفيسور الساعوري الرأي في كون تصريحات الحكومة بإغلاق باب الاتفاق مع جوبا أُطلقت من باب الاستهلاك السياسي المحلي الإعلامي، واستند الساعوري في ذلك إلى ما رشح في الصحف بأن اللجنة الأمنية تجتمع في جوبا. وأشار الساعوري إلى أن خطاب الرئيس الجماهيري جاء في ظروف انتصار وليس هزيمة، وأضاف بالقول «افتكر أن الرئيس لم يكن جاداً في إنهاء الاتفاقيات مع جوبا».