حزب حركة القوى الشعبية للحقوق والديمقراطية هو أول حركة مسلحة بدارفور تتحول إلى حزب سياسي وتشارك في حكومة الوحدة الوطنية وتعمل من أجل السلام والتنمية وترسيخ مفهوم الحقوق والديمقراطية بعد خروج قياداتها من حركة العدل والمساواة طوعاً لاختلافات في الفكر والرؤية السياسة، وذلك فى 2007م. وانخرط الحزب في العملية السلمية بالبلاد وشارك في المفاوضات عبر قيادته وله مساهمات في العملية السياسية في دارفور بممثليه في الجهاز التنفيذي والتشريعي.. رئيس الحزب هشام إبراهيم محمد نور وزير الثقافة والإعلام والاتصالات بولاية غرب دارفور يلقي الكثير من الضوء على نشاط الحزب واستعداداته للمؤتمر العام الثاني ورؤيته عن المشهد السياسي الراهن إلى مضابط الحوار: عرفنا بحزبكم ومتى تكوّن؟ - حزب حركة القوى الشعبية للحقوق والديمقراطية هو حزب تكوّن من قيادات خرجت بطوعها من حركة العدل والمساواة في عهد خليل إبراهيم، وذلك الخروج والتأسيس كان في 2007م. لقد تحدثت عن خروجكم طوعاً من حركة العدل والمساواة، ما هي الأسباب وهل صحيح أن الاختلاف كان حول الرؤية السياسية لمشكلة دارفور؟ - الخلاف بصورة أساسية كان يتعلق بسياسة رئيس حركة العدل والمساواة الراحل دكتور خليل إبراهيم تجاه قضية دارفور ونظرته إليها خلال حل كل مشاكل السودان بنقل الحرب إلى كافة السودان، وهذا يتنافى للقضية التي خرجنا من أجلها، نحن كنا كقيادات نركز على ما دعينا إليه أولاً وهو قضية دارفور والتنمية فيها، لهذا اختلفنا وخرجنا من الحركة وكونا حزباً ينادي بقضية دارفور ويسعى إلى الحوار والتنمية. منذ 2007م أين كنتم من المشهد السياسي السوداني وما هي إسهاماتكم في العملية السلمية بدارفور؟ - نحن موجودون وحضور فاعل كقيادات وحزب في كل القضايا الوطنية فور التحول من حركة إلى حزب سياسي منذ 2009م وشاركنا في انتخابات أبريل 2010م ولدينا ممثللون الآن في الجهاز التنفيذي والتشريعي وقيادة الحزب ممثلة ضمن وفد حكومة السودان التفاوضي بقيادة الدكتور أمين حسن عمر ومن قبله كان الدكتور غازي صلاح الدين، ومنذ انطلاقة المبادرة الأفريقية العربية ولدينا مشاركات ضمن وفود حكومية أخرى. متى كان اتفاقكم مع الحكومة والعمل على المشاركة في السلطة؟ - الاتفاق المبدئي بين حركة القوى الشعبية للحقوق والديمقراطية وحكومة الوحدة الوطنية كان في 27 مايو 2007م، وبموجبه تم الاتفاق على وقف العدائيات والانخراط في العملية التفاوضية من خلال آليات، وكان الاتفاق الأخير في 9 يونيو 2007م وفور توقيع البروتكول الذي بموجبه تم إلحاق حركة القوى الشعبية بالعملية السلمية والحركة التزمت بكامل بنود الاتفاق بما فيها بند الترتيبات الأمنية وقامت بإدماج قواتها في القوات المسلحة وفي الشرطة من ضباط إلى ضباط صف إلى جنود... مقاطعاً: هذه النقطة بالذات حول الترتيبات الأمنية اشتكى منها العديد من الموقعين لاتفاقيات السلام كعقبة إجرائية، هل لا قيتم صعوبة في ذلك؟ - منذ الوهلة الأولى كانت معالجة إدماج هذه القوات بحسب بند الترتيبات الأمنية كانت تأتي في سلم أولوياتنا ولهذا كنا منظمين وجاهزين لعملية الإدماج ولم نكن ميالين للمشاركة السياسية ما لم يتم استيعاب قواتنا المسلحة وإعادة دمجها بعد الاتفاق، ولذلك لم نواجه تعقيداً في التنفيذ وتم ذلك بالتمام والكمال وشاركنا على مستوى الحكم في الدولة، ومن ثم اتجهنا إلى تحويل الحركة إلى حزب تنظيمي سياسي بعد أن منحنا شهادة البراءة من مفوضية الترتيبات الأمنية بقيادة الفريق محمد أحمد الدابي بأننا قد قمنا بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية مائة بالمائة، وتم اعتماد متبقي القوات ضمن الإجراءات الخاصة بالتسريح والدمج بالتعاون مع مفوضية شمال السودان، وتحولنا إلى حزب سياسي، ونحن أول حركة مسلحة تحولت إلى حزب سياسي. ما هو برنامجكم الآن وحدثنا عن مؤتمركم القادم؟ - لدينا برنامج طبعاً، ولدينا ميثاق العمل السياسي وهو بموجبه أقر مؤسسات الحزب والأجهزة التشريعية الخاصة بمراقبة أداء الحزب ونحن ندعو إلى التغيير الإيجابي واسمنا يحمل فكرنا السياسي حول السلام والحرية والعدالة والحقوق والديمقراطية ونبذ العنف واللجوء إلى الحوار، وعن المؤتمر تم تشكيل لجنة تحضيرية عليا بقيادة رئيس التنظيم وانبثقت منه لجان أخرى وهذا هو المؤتمر العام الثاني والأول كان في أبريل في 2009م .. أنت قلت إنكم أول حركة مسلحة تحولت إلى حزب سياسي وكذلك تعقد الآن مؤتمرها التنظيمي العام الثاني، ماذا لديكم من مؤشرات تختلف عن الآخرين؟ - هذا سؤال جيد لأننا بالفعل كذلك نختلف عن الآخرين بأننا نسير في الطريق الصحيح منذ توقيعنا لاتفاق السلام وتحولنا إلى حزب سياسي مشارك يفعل رؤيته التنظمية ويشارك في حكومة الوحدة الوطنية ويساهم في العملية السلمية بدارفور من خلال الانفتاح السياسي وليس في دارفور فقط، بل على مستوى السودان كافة لتأكيد قومية الحزب وعضويتنا مفتوحة لكل أبناء وبنات وشباب ورجال ونساء السودان ولدينا قواعد في كل ولايات السودان وسوف تشارك الآن في المؤتمر العام الثاني، وذلك يوم 15 يونيو 2013م لتقول كلمتها ورؤيتها حول سير الحزب حتى الآن وهذه مؤشرات سياسية تجعلنا مختلفين ومتقدمين على الآخرين وستقدم أوراق خاصة بإجازة مسودة مقترح النظام الأساسي مع التعديلات بالإضافة إلى رؤية الحزب في الوضع الاقتصادي الراهن الحلول وآفاق المستقبل، بالإضافة إلى رؤية الحزب في الدستور الدائم للبلاد والبناء الوطني، ونحن في ولاية حدودية تعتبر بوابة غربية للسودان نتحمل مسؤوليتنا كاملة في التبشير بالسلام والعمل مع جيراننا على ذلك ولنضع دارفور في الاتجاه الصحيح ولخدمة مواطني دارفور وكذلك السودان، وترتيباتنا للمؤتمر سنراجع أداءنا السياسي ورؤيتنا الداعمة للعمل السياسي والدعوة للتدوال السلمي للسلطة ولدينا ترتيبات دقيقة ومحكمة منذ وقت مبكر للاستعداد في العملية الديمقراطية والانتخابات القادمة بإذن الله. ما هي قراءتكم للحركات المسلحة بدارفور التي رفضت الانضمام لمسيرة السلام واختارت خيار الحرب تحت تجمع الجبهة الثورية وقطاع الشمال وتداعيات ذلك في الاعتداءات في أبو كرشولا والاغتيالات السياسية للقيادات التي وقّعت اتفاق سلام «بشر وضحية»؟ - لنبدأ من حيث انتهى السؤال وهو الاغتيالات التي حدثت ونحن في حزب حركة القوى الشعبية للحقوق والديمقراطية ندينها بشدة بأغلظ العبارات، عملية اغتيال وغدر القيادات التي وقّعت اتفاق السلام وانضمن لمسيريته من قيادات العدل والمساواة، ونقول إن هذا سلوك جديد وغير إنساني ومرفوض تماماً، فاغتيال بشر وضحية وهما اللذان انحازا للوطن، سلوك مرفوض ونحن ندعو الإخوة في الجبهة الثورية وقطاع الشمال بضرورة الاحتكام إلى صوت العقل وعدم مهاجمة المدن الآمنة وترويع المواطنين، والنظر إلى الأمور ببعد نظر، لأن هنالك سؤالاً كبيراً أمامنا هو ما الذي جنيناه طيلة سنين هذه الحرب؟.. ففي عملية جرد حساب بسيطة نجد أن ما خسرناه كثير جداً لذلك لابد من العودة للإعمار وتحقيق السلام والتنمية للأرض والإنسان، لأن حجم الدمار كبير ويحتاج من الجميع عدم المضي في حرب طويلة بلا نهاية، وعلى السودانيين جميعاً العمل لجعل الوضع أرضاً سلاح. كيف تقيّمون الأوضاع الآن بدارفور بمشاركتكم في السلطة التنفيذية وكذلك أداء السلطة الإقليمية بالمنطقة التي عادت مرة أخرى للاضطراب في بعض أجزائها ؟ - تعمل السلطة الإقليمية بقيادة الأخ الدكتور التجانى سيسي وأركان سلمه في تنسيق عالي المستوى مع الإخوة ولاة الولايات بدارفور، ودكتور التجاني رجل من قيادات دارفور المشار لها بالبنان ونجح في قيادة السلطة الإقليمية إلى ترسيخ مفهوم الحكم والسلام وخطوات التنمية الجادة ومعالجة مشاكل النازحين وتوفير الضمانات المالية لدعم المشروعات عبر مؤتمر المانحين الذي عقد وكانت مخرجاته كبيرة جداً وداعمة للسلطة ولدارفور، وكذلك نجح في تفادي التضارب في السلطة ما بين المكونات السياسية، وهنالك تناغم الآن في العمل، بالإضافة إلى أن قضية دارفور تسير في الاتجاه الصحيح عبر وثيقة تنمية دارفور... مقاطعاً: لكن الواقع أن هنالك بعض التفلتات الأمنية التي بدأت تعود، كيف يمكن التقدم بالتنمية في ظل تجدد هذه التفلتات؟ - بلا شك أن الممارسات السالبة والتفلتات الأمنية لبعض المتمردين من رافضي اتفاق السلام سواء من الجبهة الثورية أو قطاع الشمال، تشكل خطراً على الاستقرار وإن كانت محدودة الآن وليست كما السابق لكنها أيضاً عامل يعيق التنمية والاستقرار وحتماً لن توقفها، فأهل دارفور قد سئموا وملوا من هذه الحرب التي غيّرت مجرى حياتهم، وهم جميعاً ينادون إلى الاستقرار والحياة مرة أخرى كسابق عهدها، وتحدثوا عن ضرورة العودة لديارهم وحتى المناخ الإقليمي يصب في خانة إحلال السلام لدارفور. ولذلك نحن دائماً ما ندعو هؤلاء المتمردين للعودة إلى حضن الوطن والقضية تحتاج إلى تنازلات بالتأكيد لأن الحرب لا تفيد ولن تفيد، وأقول هنا إن كل المطالب المطروحة من قبل الحركات المسلحة قد تحققت، فإذا تحدثنا عن مشاركات فى السلطة الآن دارفور تشارك بنسبة كبيرة جداً في السلطة سواء كانت المركزية أو بالولايات في الجهازين التنفيذي والتشريعي، وإذا تحدثنا عن مشاريع التمنية الآن هنالك أموال المانحين والصناديق والدعم من الدول العربية والغربية عبر اتفاق الدوحة، والمسألة تحتاج إلى جلوس والبدء في العمل الحقيقي لإعمار دارفور بدلاً من خيار الحرب الطويلة والحديث عن تغيير النظام بأكمله، وهذا حديث يؤكده الواقع من ناحية المشاركة السياسية والمشاركة في الثروة والتنمية، فكل هذا تم باستصحاب أهل المصلحة طوال فترة المفاوضات، ولذلك نقول إنه لا صوت يعلو فوق صوت السلام، ومن خلال الحوار يمكن للجميع أن يصل حتى إلى تغيير النظام والعمل على الانتخاب والوصول عبر صناديق الاقتراع، واعتقد من الصعوبة بمكان تصميم برنامج لإسقاط النظام بقوة السلاح، لأن ذلك يعني إزهاق أرواح مواطنين أبرياء وتدمير البلاد كما يحدث الآن في أبو كرشولا وأم روابة وغيرها من المناطق التي هاجمتها الجبهة الثورية وقطاع الشمال، فالحرب ليست حلاً كما قلت، بل الحوار والحوار والحوار. لكنهم يرفعون شعارات العدالة والثورية والحديث عن حقوق المهمشين وهم يدافعون عن تلك الشعارات؟ - هذا كان شعاراً لكن أفعالهم لا تؤكد ذلك، بدليل ما حدث على طول فترة الحرب وأول من تأثر بها هؤلاء الذين يتحدثون عنهم من المواطنين المهمشين الذين شردوا وقتلوا وأصبحوا نازحين فى دارفور بسبب الحرب ولم تجعلهم تلك الحركات في أمن وأمان وآخر دليل على ما نقوله ما حدث في جنوب كردفان في مناطق أبوكرشولا وأم روابة وغيرها من المناطق التي هاجمتها الحركات، إذن الحديث عن الشعارات شيء والواقع شيء آخر وهنا أشير إلى حديث الرئيس البشير الأخير بعد تحرير أبو كرشولا بأن الثورية هي الجيش السوداني والعدالة والمساواة هو الجيش السوداني الذي يحقق كل ذلك للمواطن وليسوا هؤلاء الذين يقتلون المواطنين. بوصفكم وزيراً للثقافة في ولاية غرب دارفور، كيف ترى الثقافة التي تقود المجتمع إلى رتق النسيج الاجتماعي؟ - الثقافة هي الأداة المجربة في المجتمعات لجعلها متماسكة ومتواصلة عبر تبادلها الأدبي والفني والاجتماعي وتوارثها لتك العادات والتقاليد السمحة وخلقها للإبداع في مختلف المجالات، الثقافة هي الحياة اليومية التي تمارس بشكل عفوي يشد من أزر المجتمع بتلاحمه في الأفراح والأتراح المحلية والقومية، الثقافة هي الماعون الاجتماعي الذي يتداعى إليه الجميع دون فصل في عرق أو لون أو جنس، الثقافة في دارفور ضاربة في جذور التاريخ، فدارفور لها عراقتها التاريخية الدينية والقبيلة، وهي التي كانت تكسو الكعبة وتسيّر القوافل وهي غنية بتراثها الشعبي الذي بلا شك سوف يكون مانعاً لكل الانهيارات أو التمزق الذي يحدث وهي الحائط الأخير لصد التغيرات الاجتماعية الناجمة عن الحرب، وحتماً أن هنالك من يعمل على إعادتها ونحن كوزارة هذا دورنا في هذا الاتجاه العودة مرة أخرى إليها وتجديدها لحلحلة كل المشاكل وفي الإستراتيجية القومية الشاملة الثقافة لها نصيبها ونحن جزء منها لنقود المجتمع، وفي إطار مهرجان الثقافة الخامس تم اختيار الجنينة عاصمة للثقافة السودانية، ونحن تحدثنا عن ثقافة تقود الحياة وتحدثنا عن عودتها لسيرتها الأولى وماضون في ذلك، والآن هنالك حراك ثقافي من موسيقى ومسرح وغناء شعبي ووطني ولدينا خطة في إطار تفعيل كل هذه المكونات لإرساء دعائم السلام والاستقرار، ولدينا العديد من القوافل التي ذهبت إلى ولاية أبشي الجارة في دولة تشاد، كذلك لدينا مشاركات في ولايات السودان المختلفة ولنا تمثيل ثقافي مقبول لعكس تراث الولاية ولدينا مشروعات كبيرة في إطار البنى التحتية ولدينا مشروع مدينة الجنينة الرياضية بتكلفة إجماليها فاق ال17 مليون جنيه، وهناك مجمع ثقافي بتلكفة 5 ملايين جنيه ونصف ونعمل في ترتيبات خاصة بالمشروع في بناء المكتبة المركزية التراثية ومنتزه السلام السياحي بالجنينة، وننفذ الآن في مسرح كبير لتحقيق المقولة «أعطني مسرحاًَ أعطيك أمة»، وكل هذه المشاريع للبنى التحتية لدفع النشاط الثقافي وتحريك المجتمع نحوها إرساءً للاستقرار وفي اتجاه استيعاب نشاطات الناس وإبداعاتهم، هذا هو الأمل الثقافى بكل ولاية دارفور، ونحن ممتنون للنائب الأول لرعايته كافة المشروعات وكذلك رئاسة الجمهورية ووزارة المالية لدعمها لمشاريع الثقافة.