تجيد الولاياتالمتحدة لعبة (الثلاث ورقات) وهي لعبة يعرفها (المقامرون) الذين يأملون في المكاسب غير المحدودة، لكنهم يخسرون دوماً، في الدنيا والآخرة. وإجادة الولاياتالمتحدةالأمريكية لهذه اللعبة لا تجيء من كونها حاضنة مدينة (لاس فيغاس) التي يعتمد اقتصادها على الكازينوهات وأندية القمار وما يتبعها، بل تقوم تلك الإجادة على (القوة) في (خداع) الخصم! ولكن بداية تعالوا نتعرف على هذه اللعبة الخادعة، وهي للعلم كانت تمارس في شوارع الخرطوم عياناً بياناً في زمان مضى، إلا أن شبابنا لم يتعرفوا عليها، كما لم يتعرفوا على لعبة (الملوص) التي ينجر وراءها الحالمون بالمكاسب فلا يقبضون إلا الريح، والحسرات والخسران المبين. لعبة الثلاث ورقات يقوم بها مقامرمحترف، يمسك في يده ثلاث ورقات لعب (كوتشينة) منها صورة واحدة (بنت)، أما بقية الثلاث ورقات فهي تلك الأوراق المرقمة حتى الرقم (عشرة)، ويقوم اللاعب بإغراء ضحيته بمبلغ مالي كبير إن نجح في استخراج (الصورة) من بين الثلاث ورقات، بعد أن يقوم بعدة حركات دائرية في الهواء، يضع بعدها أوراق اللعب على منضدة أو على الأرض، ليستخرج الضحية (البنت) من بينها ويفوز بالمبلغ المحدد، في حين أن المقامر صاحب الفكرة يقوم بحركة سريعة باستبدال الصورة بورقة أخرى مكتوبة بحيث لا تكون هناك صورة على الإطلاق، فيمد الضحية يده ليأخذ أي ورقة دون أن يحصل على الصورة، فيخسر رهانه وتضيع آماله. هكذا تجيد الولاياتالمتحدة لعبة الثلاث ورقات السياسية، وتتعامل بها مع الآخرين، وتحاول إغراءنا في السودان ب(التطبيع) لنحسب أنه الورقة الرابحة، وتلاعبنا بعدة أوراق هي رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، ثم ربط ذلك بتحسين علاقة السودان بدولة جنوب السودان رغم علم واشنطن بالدور الذي تقوم به جوبا في دعم التمرد والحركات المسلحة، وتدفع أمامنا أيضاً بورقة فك الحصار الاقتصادي. وتريدنا أن نغامر ونقامر، ونقدم كل ما لدينا لنكسب العلاقة والتطبيع، لكنها تسحب ورقة التطبيع بحيث تتم التنازلات دون مقابل. الساسة السودانيون من الحاكمين والمعارضين يعرفون ذلك، ويعلمون علم اليقين أنه (لا فائدة) من (التنازلات) لأنها تقود إلى المزيد من (التنازلات) دون أن يكون أمامها مقابل، لذلك سيظل - في اعتقادنا - موقف السودان الحالي هو ذات الموقف القديم، لأن الذي تريده أمريكا ليس كل ما أشرنا إليه، بل تريد ما لا نرضى أن نتنازل عنه أو نبيعه بكل مال الدنيا، و(دولاراتها).. تريدنا أن نستبعد الشريعة الإسلامية من تعاملاتنا.. ومع ذلك تحاول أن تلعب معنا لعبة الثلاث ورقات.. وإن تمسكنا بموقفنا ربحنا في الدنيا والآخرة.. وإن تنازلنا وبعنا ديننا بالدنيا فعلى دنيانا وآخرتنا السلام. اللهم احفظنا واحفظ بلادنا من كيد الكائدين، واحمنا من جبروت الجبارين واقصم ظهورهم، وارفع من شأن كل من يعمل على إعلاء رايه (لا إله إلا الله محمد رسول الله).. آمين. .. وجمعة مباركة.