كثيراً ما دخلت مع بائع أو كمساري في الباقي.. وذلك بسبب أن العملة التي يعطيني لها تكون مهترئة أو مرقوعة.. أو متسخة.. وغالباً ما يذهب الحوار إلى عبارات مثل: أنا صنعتها ياخي.. أجيب ليك من وين ما في غيرا؟.. أو يقول العبارة المحفوظة.. طالما النمرة سليمة فليست هناك مشكلة.. وكم يغضبني أن أجد ضمن حزمة استلمتها من أحد البنوك عملة مهترئة أو مشروطة. لماذا تصبح العملة الورقية من الفئات المختلفة بهذا الشكل القبيح.. السبب تعاملنا معها.. فقد درج الكماسرة مثلاً على تطبيق الورقة طولياً .. ثم وضعها بين أصبعين فيتعرق فيها.. بما يجعلها تنشرط من منتصفها.. وإذا «انشرطت» فإن المواطن يحاول رتقها حسبما اتفق مرات بشريط كهرباء أسود.. ومرات بملصق بني منتزع من كرتونة قديمة.. والبعض يبالغ ويدبسها بدبوس عبر الدباسة.. أما الباعة فهم يلوثونها فبائع الفحم يجعلها سوداء.. وبائع الزيت يجعلها «مَزَيتة».. وبائع المرطبات يجعلها تبتل.. وهكذا تتحول العملة إلى شكل جديد.. يتغير لونها وتتمزق وتهتريء لذلك درجت على أن لا أقبل بعملة على هذه الشاكلة.. خاصة المتسخة لأنني أرى الجراثيم بعيني المجردة تسرح وتمرح فيها.. واعتقد إذا الظروف اضطرتني لأخذها فإنها ستكون عديمة الجدوى إذ أعمل على التخلص منها بأي طريقة.. أشتري بها تسالي مثلاً وأنا لا أود «قزقزته».. أو أدفع بها إلى أقرب «شحاد» للتخلص منها ولا أدري هل تعتبر حسنة على هذا النحو؟.. لا أعتقد لأن النية ليست متوفرة. اعتقد أننا لا نحترم عملتنا.. فهل رأيتم دولاراً مرقوعاً أو «يورو» متسخاً.. أو ريالاً سعودياً بالياً وقديماً.. لماذا نحافظ على «الدولار» ولا نحافظ بالمثل على الجنية السوداني؟ العملة في اعتقادي رمز وطني يستحق الاحترام مثلها مثل العلم ومثلها مثل النشيد الوطني.. لذلك يجب أن يعاقب «عديل كده» من يسيء إلى العملة.. كنت أود أن أطلق صيحة بأن نقاطع العملة غير المصانة بأن لا نقبلها أبداً.. وبذلك صحيح تحدث مشاكل.. وعلينا أن نتحملها.. اعتقد أن مقاطعة العملة السيئة سيأتي بنتائج.. إذ الامتناع عن استلامها يجعل المتعامل أكثر حرصاً على صيانتها.. ولكن كثيراً ما رأيت الكمساري يرضخ أخيراً لاستلام عملة سيئة الشكل على نحو ما ذكرنا.. وكثيراً ما اقترح أحد الركاب على الكمساري أن «يديها لي بتاع طلمبة البنزين».. ولا أدري هل الباعة هناك يقبلون بها على أي شكل أم أنهم يتورطون بها.. بجانب ذلك أقترح أن يصدر بنك السودان قراراً بأن لا يستخدمها أي بنك في تعامله مع الجمهور.. وقد عرفت ولست متأكداً من المعلومة أن البنوك تغير العملة المهترئة بنصف القيمة.. واعتقد أن بنك السودان يعمل على توعية الناس بضرورة احترام العملة ولكنه لا يجتهد في ذلك وإلا لكنا سمعنا «مشاعل» وهي الأغنيات القصيرة المؤلفة للتنوير.. ويغني الأطفال والكبار بألحان لطيفة وكلمات بسيطة لاحترام العملة.... تذهب إلى أن «العملة رمز البلد» وأنها يجب أن تكون نظيفة وسليمة.. أو أن يتم الإعلان باستغلال الكوميديا.. على غرار الإعلان الشهير.. أو على نحو.. جنيهك حصانك إن صنتو صانك وإن هنتو هانك. عموماً نحن في حاجة ماسة إلى بذل المزيد من الاحترام تجاهها.