تختزن الذاكرة البشرية تفاصيل بعض الحوادث والفواجع خاصة إذا كان فيها فقد عزيز او ترويع أمة . الحوادث المتكررة هذه الأيام التى تشهدها الطرق والأنهار اعادت إلى مشاهد تلك الأيام لحوادث بل وكوارث رغم مرور قرابة نصف القرن من الزمان عليها إلا أنها تظل فى قاع الذاكرة تطفو الى سطحها حال وقوع كارثة يكون ضحاياها اعداد من البشر . فى مطلع ستينيات القرن الماضى روعت البلاد بأكبر كارثة شهدتها السكة حديد السودانية فيما سمى حادث أوبو . وأوبو هى محطة للسكة حديد تقع ضمن محطات خط عطبرةبورتسودان الحديدى . تحرك من عطبرة رئاسة سكك حديد السودان قطار بضاعة متجهاً إلى يورتسودان وأضيفت لهذا القطار أربع عربات ركاب كانت ملحقة بقطار كريمة الخرطوم إذ من الطبيعى أن تبقى بمحطةعطبرة حتى يأتى قطار متجه الى بورتسودان فيقطرها معه . فى محطة كمسانة وهى المحطة التى تسبق محطة أوبومن جهة عطبرة فقد سائق القطار التحكم فى سرعة القطار والمنطقة ذات انحدار شديد لم يتوقف القطار فى محطة كمسانة ومر بسرعة البرق على محطة صغيرة تسمى أوكوات ويقول شهود عيان أن السرعة لاتكاد تمكن الناظر من التمييز بين العربة والعربة الأخرى وكانت النهاية المأساوية والمحتومة لحوالى الستين راكباً فى العربات الأربع القادمة من محطة كريمة إذ اصطدم قطار عطبرة بقطار قادم من بورتسودان فى منطقة أوبو وتكومت اكثر من ثلاثين عربة قطار فوق عربات الركاب الأربع وقبر الضحايا فى مقبرة جماعية سميت بمقبرة كريمة فى أوبو. وفقدت أسر بأكملها وترملت نساء وفجع أباء فى زوجاتهم وأبنائهم وبناتهم ولا يزال الحادث عالقاً فى اذهان أهل المنطقة رغم مرور قرابة الخمسين عاماً على وقوعه . لن ينسى أهل قرية الدرادر حادث السير واحتراق الحافلة القادمة من الخرطوم والتى كانت تقل ركاباً معظمهم من أبناء القرية ببص سفرى قادم من الأبيض . الحادث فقدت فيه البلاد ثلاثين من ركاب الحافلة وسبعة من ركاب البص بالإضافة إلى اصابات متفاوتة لستة وعشرين ربما يكون قد قضى منهم من قضى ومسئولية التسبب فى الحادث حسب تقرير المرور على سائق البص الذى لم يحسن التخطى ويحسب له . ولاتسلم الدرادر إذ تشهد فى اليوم التالى للحادث المروع غرق مركب تقليدية لقى ثمانية أشخاص مصرعهم ونجا ثمانية آخرون وكان ركاب المركب فى طريقهم لأداء واجب العزاء فى حادث بص وحافلة الدرادر . نؤمن بالموت والأجل المحتوم وماكان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً ولكن أليس من تدابير تقى الناس من فعل البشر وحماقات بعض سائقى البصات والحافلات الذين يجب عليهم التسليم أن المركبة التى يقودونها يصعب التحكم فيها عندما تصل الى سرعة معينة من قبل صانعيها وأن البص الذى يقودونه يحمل بشراً سيدفعون أرواحهم نتيجة تهور السائق وحماقته وعدم مسئوليته هل كل من يحصل على رخصة قيادة مسموح له بقيادة الحافلات والبصات السفرية أرجو ألا يكون الحال كذلك .