مدخل أول: عرف نفسك وسط الناس أنك فيهم جزء مكمل بالإحساس تمشي معاهم تواسي أساهم تخفف بعض الحال الفيهم، يمكن بكرة تكون حاريهم ما قالوا زمان الناس بالناس قيمة رفيعة تزين شكل الوجه الأمثل وتحرم كل صفات النسق السالبة ودايماً تسأل، وضح قصدك واخلص، خلي خواطرك ناصعة دوام ما تفتر مع الأحلام أو تتباهى وتشعر نفسك أنك أكبر وكل الحولك شيئاً أصغر، راجع نفسك عاود درسك اقرأ الدنيا تمام واتمعن مين الدائم وقاعد أكتر ارفع إيدك واسأل سيدك عمق الدنيا حواجز بائنة تظهر مرة ندية وسامية ومرة عصية وما تتأخر بيّض نيتك وجمل سيرتك تحصد كل الخير الفيها بي عافيتك ترسم درب الود الأنضر ولى قدام خطاك حاميها . مدخل ثاني: أقول مدلولات من لا يشكر الناس لا يشكر الله هي صفة تنطبق على قلوب تعرف حقيقة قيمة الحياة الفانية، فمن تعمق فيها كثيراً وتدبر في حراكها وسكونها في أفراحها وأتراحها، وفي وجودها كرسالة إيمانية وتعبدية وجب عليه الوقوف على أبعادها بعمق ديني لا منقوص ولا مصاب بالهشاشة والضعف. سئل، فيما ورد، سيدنا نوح عليه السلام عندما انتقل كيف هي الدنيا؟ وهو قد عاش فيها ألف، فأجاب حسب الرواية قائلاً: كأنني دخلت بهذا الباب وخرجت بالباب الآخر أي أن الفترة التي عاشها في الأرض رغم طولها فهي مرت كثوانٍ مما نعد. إذن واقعنا المعاش في حياتنا لابد أن يعتمد على التحصيل الحسنوي والتمسك في أمور العبادة المطلقة خشية التحسب لرحلة الحساب المنتظر «فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره»، من هنا الثوابت تكشف عن نفسها وحياتنا الحديثة مليئة بالمتناقضات مشحونة بالسلبيات المخيفة ومرارات لبعض الممارسات التي تأتي في أشكال ونماذج مختلفة في أسلوبها لبعض الهائمين في اطماع الدنيا ناسين ومتناسين تماماً «يوم لا ينفع مال ولا بنون» متمادون في أخطائهم تجرهم إغراءات الحياة المتاحة تذلهم وسوسة الشيطان، أقول ليس افتخاراً، ولكن دائماً ما أكون في حالة تساؤل دائم مع نفسي كيف هي النار؟ انظر بتدبر لنار الدنيا التي نتعامل معها بحذر شديد تغشاني رعشة مخافية أتلطف أتحسب مراجعات تمر على خاطري أصاب بالإعياء والانهزامية الوقتية وسرعان ما استرجع الآية «قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».. إذن بجانب العبادة المكتوبة لابد أن نجد أنفسنا في فعل الخيرات لأن حصادها تقابله حسنات فإذا تضاعف الفعل زادت الحسنات وابتهل العبد لربه راجياً رحمته، فالحسنات تغذيها النوايا السليمة والتحسب المبرأ من التعالي والافتحخار أقول ليس أنا في موقف الواعظ ولست من أهل التفسير ولكنها حالة اقتناعية من عبد ضعيف يمشي بين الناس ويتحسس ما هو بيننا من أفعال وممارسات فاستعذ من معظمها، ذاك يقسو على والديه مجففاً علاقته الأسرية، بينما يكون سخياً لآخرين وبإفساد ساقط وهو صاحب يسر متدفق أي امتهان، هذا وقد حباك الله بهذه الثروة، وهل تدرك تماماً في يوم الحشر الأكبر مالك فيما أنفقته إنها لحظات الشدة والحسرة والندم حيث لا ينفع الندم ويا ليت فهي تذهب في بحر الآهات، حقاً إنها مشاهد آتية لا محال، لا تخدعنكم مزينات الدنيا وأنتم في غفلة كاملة، تستحضرني هنا جملة معلقة في ذاكرتي منذ زمان بعيد «الليل والنهار آيتان من آيات الله فاغتنموا فيهما العمل الصالح فإن الموت يأتي بغتة»، قال تعالى في سورة النور الآية 63 «فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم»، وقال تعالى «ويحذركم الله نفسه»آل عمران 30. وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه» متفق عليه. إذن الحرمة والفتنة بها تأتي من المخالفات فينبغي ان نعضد على النفس بالنقاء الروحي ونتمسك برسالة الدنيا السامية فهي متعددة ومتوفرة للذي يعرفها وهي بيننا في هذا الزمان المدقع ولكنها تحتاج لأروقة التداخل الإيماني دون أن نتخطى حواجز التقدير الزماني ونهيم في مشغوليات الحياة التي لا تنتهي بحسابات كيف نعيش غداً.. أقول أجمل ما في حياة الإنسان أن يتخذ من حياته مسلكاً رشيداً تصحبه المهابة وبحذر شديد وأن يبحث عن الفضائل ويحارب النفس الدنيئة بمعينات تجبرها على الخنوع والخضوع والامتثال، وقتها ندرك تماماً بأن الحياة سهلة التناول.. ما جعلني في هذا الوضع هي حالة من الراحة الإنسانية وأنا أسعى لتقديم خدمة عاجلة لأحد أقاربي وهو في حالة مرضية مشفقة تتطلب سفره عاجلاً لقاهرة المعز ورغم أني أفشيت حقوق الآخر إلا أن موقف الرجل شدني للوصف تأميناً للأصالة، أقول الحالة المرضية كان عنوانها السفر العاجل والسفر خطواته الأولية استخراج وثيقة السفر ومتلازمة الإجراء جواز إلكتروني وصدوره يحتاج ليومين أو ثلاثة، وسرعان ما جمعت أفكاري وتوجهت صوب رئاسة الجوازات قبالة شارع النيل العتيق سائلاً الله العلي القدير أن يعينني في مهمتي التي حسبتها بإلهام صادق ونية خالصة ومنذ أن وطئت قدماي استقبال رئاسة الجوازات وجدت هالة من التقدير. وقتها سألت عن اللواء شرطة أحمد عطا المنان هذا الرجل الشامل باحترام الجميع ولكن جاء الرد من موظف الاستقبال غير موجود، ولكن يمكن أن تقابل اللواء أبو بكر سليمان، هنا يبدأ مسلسل الالتقاء فقد كان مشهوداً احتوته مناجاة الضمير والعمل الصالح في أدق مراحل الحوجة والزمن يسابق نفسه وهو على عجل، أقول استقبلني اللواء شرطة أبو بكر سليمان خير استقبال رغم أن لقائي لأول مرة، إلا انني التمست فيه قدراً عالياً من الاحترام فهو رجل مكتسي بلحية بيضاء يلازمها قليل جداً من سواد الشعر، حينها شعرت بأريحية. شرحت له الأمر برمته، فالذي أسعدني أكثر بهذا الرجل معرفته بالناس ليس هذا فحسب، بل يتمتع بقدر كافٍ من المسؤولية الموكلة إليه وبتجرد، جاء من رحم الإيمانيات التي جاءت في أسئلته المتعددة والمصحوبة بمعدنه الشفيف والمشفق، وفعل اللواء أبو بكر ما يمكن أن يفعله المسؤول نحو قومه ومواطنه وعشيرته وبإحساس متوازن أزال عني إسقاطات التدني الخدمي في بعض المرافق ولو لحين، ليسافر ذلك المريض ومن معه في الوقت المطلوب. أقول أي نداء يجعلني أشيد عبر السطور بما فعلت ليفعله هذا الرجل المسؤول، إنها للأمانة شهادة حق فرضت علي أن أرويها ليتعلم منها صاحب القرار في خدمة الآخرين.. أقولها للذين يجلسون على كرسي الترفع وكسر خواطر الراغبين في خدمتهم ولا يعلمون كيف يكون يومهم التالي.. مثل اللواء أبو بكر نماذج تستحق أن تنشر لأنهم يجلسون على مقعد الوفاء ويحتكمون على سلطتهم بوعي وتأني، وهم ناظرين لأبعد من ذلك يضعون الحلول حسب قوانينهم دون تجاوزات، لكي أقول من لا يشكر الناس لا يشكر الله مثل هؤلاء درس من وفى وإلى الحياة، فاعلنوا على أنفسكم الفضائل فقد تأتي لحظة وأنت خارج من دائرة الحياة، أعلنوا على أنفسكم محاربة الغل والحسد والامتهان وأعراض الناس، أعلنوا الحرب على الأضرار المنتشرة هذه الأيام كجيوش النمل.. أحذركم من الضرر فهو اللعنة الكبرى التي تمنع الحسنات وتغربها تماماً كماء صب ولم تبق ذراته فذهب صاحبه يتوضأ وهو لا يعلم بلهيب الويل المنتظر، راجعوا أنفسكم دائماً ولا تلهكم متع الدنيا، مال حصد بفساد وجاء صاحبه على ظهور الآخرين مترفعاً يذل هذا ويقهر هذا وهو متناسٍ كيف يكون حاله غداً.. انظروا هذه الابتلاءات أمراض منتشرة لم نسمع بها من قبل وصعب علاجها، وفساد في وسط الشباب لا مقدور عليه، كذب ونفاق.. أعيدوا الدرس الإيماني على نفوسكم وعلى أولادكم ولا تتخذوا من حداثة الحياة عذراً لرغبات الأولاد، إننا نسابق الزمن بألم شديد، ولولا النقاءات التي تطل علينا ونستريح على ظلها، كالذي حدث من ذلك الرجل المسؤول لشخصي وآخرين، لقلت إننا في مأساة الزمن المحرق.. حقاً هذا الوطن يحمل سراً في الإنسانية، ومكمن السر أن صدق النوايا تختزن الجماليات وتحارب الإسقاط بمعادلات ترضي الله ورسوله. ابحثوا عن المعالجات في دواخلنا فقداً نمشي بعيداً.. ابحثوا عن الوفاء فقد كان عندنا شيئاً فريداً.. قياساً بما جاء يبقى الأمل على هامش الأوفياء في وقت الدهشة ليؤكد لي هذا المسؤول قيمة الإنسان السوداني الحديث.