عممت أمانة الإعلام بحركة الإصلاح الآن رسالة نصية مساء أمس تفيد باحتضان دارها اليوم مؤتمراً صحافياً لنائب والي شمال كردفان السابق محمد بشير سليمان، ولم تفصح عن دواعي ومبررات المؤتمر، ولكن واضح جداً هو اعتزام الرجل الانضمام إلى ركب الإصلاح الآن، حيث ظل بعيداً عن المسرح السياسي منذ إقالته من حكومة شمال كردفان، وقد تقدم باستقالته رسمياً من المؤتمر الوطني وسلمها لوالي شمال كردفان مولانا أحمد هارون، حسبما أكد بشير للزميلة الغراء «السوداني» أمس ورفض توضيح أسباب استقالته.. وعلمت «آخر لحظة» بإحتفاء قيادات «الإصلاح الآن» ببشير، خاصة وأنه ينحدر من المؤسسة العسكرية، إذ تخلو الحركة من الوجوه العسكرية عدا صلاح الدين كرار والذي هو عسكري فني «بحرية». لكن خطوة بشير المرتقبة بالانضمام للإصلاح الآن تستوجب النظر إليها من عدة زوايا، خاصة حال صوب بشير إنتقادات للمؤتمر الوطني -وهو الأمر المتوقع حدوثه اليوم- أو أظهر سوءات الحزب الحاكم على الأقل في ولاية شمال كردفان التي كان فيها الرجل الثاني في عهد الوالي السابق معتصم ميرغني زاكي الدين.. لكن ما بعد استقالة بشير من الوطني وانحيازه إلى الإصلاح الآن تبدو خطوته نتاج مغاضبة على الأقل لتجاوز أحمد هارون له في حكومته الرشيقة الجديدة التي أراد لها أن تبدأ عملها والولاية تشهد ثورة تنموية بوجوه جديدة بالقطع ليس من بينهم بشير. ولكن قبل أن ينتقد بشير الوطني أو يقلل من شأنه أو يذهب لأبعد من ذلك ويقدم على كشف ملفات فساد في شمال كردفان - على سبيل المثال - وهو لم يكلف بعمل تنفيذي من قبل بعيداً عن المؤسسة العسكرية التي وصل فيها رتبة - فريق أول -فسعادتو ارتضى أن يكون في وضع غاية في الغرابة ومدعاة للدهشة في شمال كردفان، وهو أن يكون في منصب نائب الوالي «صورياً» إذا جاز التعبير، حيث لم يكن سليمان الذي كان وزيراً للزراعة هناك عضواً بالمكتب القيادي للمؤتمر الوطني بشمال كردفان، ما يعني أنه كان يعلم بقرارات الحزب من خلال الصحافة أو ربما من بعض شباب وزاراته المنتسبين للوطني، ما يعني اتساع المسافة بين إيقاع عمله في الوزارة وعمل الحزب الذي ينزل توجيهاته لوزرائه ومسؤوليه في الجهاز التنفيذي. وبالقطع موافقة بشير أن يكون نائباً للوالي دون مهام حزبية - وهي حالة شاذة لا مثيل لها في أي ولاية- أو حتى دون أن يمارس مهام الوالي بالإنابة في مرات كثيرة. فإنه صوب عينه على مقعده فقط دون النظر للمسألة بكلياتها، وفي كل الأحوال فإن المسؤولية تطاله بشأن الأحوال في شمال كردفان طالما كان نائباً للوالي ولن ينظر المواطن العادي بعروس الرمال أن بشير تم تهميشه وقتذاك أو همش نفسه بنفسه، والأخيرة هي الأرجح إذ كيف يظل في الحكومة وهو له رأي في سياساتها؟ وكيف يظل في المنصب التنفيذي القيادي وقيادة الحزب بشمال كردفان لم تمنحه حقاً تنظيمياً يليق بالمنصب الدستوري الذي كان يتقلده؟ إلا إذا كانت ترى أن وجوده في المكتب القيادي لا يشكل إضافة للحزب. لكن خطوة محمد بشير المرتقبة تظهر أنها تتطابق مع سياق من سبقوه للإصلاح الآن من المقالين عن مقاعدهم التشريعية والتنفيذية، بداية برئيس الحركة غازي صلاح الدين ومروراً بمبارك الكوده وصلاح الدين كرار وحسن رزق وفضل الله أحمد عبد الله والذين علت أصواتهم وبشكل صارخ عقب إعفائهم من مناصبهم ما أوحى أن الإصلاحيين مغبونون وتحسروا على المناصب، وآخرون في الإصلاح تجاوزهم الاختيار وجميعهم استغلوا مسألة رفع الدعم ليصبوا جام غضبهم على المؤتمر الوطني، ولكن تحت غطاء الإصلاح الذي تشكلت له لجنة داخل الحزب.. كما كشف نائب رئيس الوطني بولاية الخرطوم كامل مصطفى في تنوير له مؤخراً، أن اللجنة المذكورة تشكلت قبل بداية خروج غازي ومجموعته، مؤكداً استمرار مسيرة الإصلاح والتغيير في الحزب، واستدل بإفساح قيادات الصف الأول المجال لآخرين. ولعل موقف محمد بشير يلامس واقع مجموعة الإصلاح الآن كما أسلفنا، إذ أعفي من منصبه وعاد إلى أم درمان حيث يقيم ولم يتم إستدعاؤه للاستعانة به في شأن تنفيذي أو حزبي، وها هو يخرج مغاضباً وإن بدأ قد ضبط نفسه. لكن البعض يرد حالة بشير الذي يبدو حانقاً في كثير من الأحيان إلى اتهامات سابقة صوبت إليه وأحاديث هامسة تقول إن الرجل كان ضمن عناصر شاركت في محاولة إنقلابية فاشلة سابقة على الحكومة تحدث عنها بشير نفسه في حوار سابق أجرته معه الزميلة الانتباهة.