غيّب الموت صباح أمس الاثنين المطرب الشعبي الكبير الفنان مبارك حسن بركات الذي يعتبر أحد عمالقة غناء الحقيبة، حيث ووري جثمانه الطاهر بمقابر العيلفون بشرق النيل بحضور جمع غفير من المشيعين من بينهم لفيف من أهل الفن والإعلام والشعراء وأهل العيلفون وكان في مقدمة المشيعين الطيب حسن بدوي وزير الثقافة ومدير الإذاعة والدكتور نصر الدين شلقامي الذي قال فجعنا بوفاة مبارك وهو يعتبر آخر جيل العمالقة في غناء الحقيبة، كما أنه كان قاموساً في أغنيات الحقيبة وهو شخصية مخضرمة ولحن مجموعة من الأغاني وكان قريباً جداً للشاعر ود الرضي وأيضاً لحن عدداً كبيراً من المدائح النبوية وعاشر كل شعراء الحقيبة من بينهم الجاغريو وتفاعل معهم، وغنى مبارك بالرق والموسيقى «الأوركسترا» وكان رجل مجتمع وكان بيته ومزرعته مفتوحة للزوار والضيوف، ونحن كثيراً ما ذهبنا إليه وتحديداً بمنطقة الحديبا بالعيلفون. فكان رجلاً كريماً وعفيفاً ومضيافاً، كما أنه كان لا يغني من أجل المال وإنما من أجل الطرب والتوثيق. وذكر صديقه الأستاذ سيف الدين عبد الرحمن السر أن الراحل هو من أحفاد الشيخ إدريس ود الأرباب، عاصر كل من الجاغريو والشاعر محمود ود الرضي، كما عاصر أواخر فناني الحقيبة وحفظ معظم روايات أغاني الحقيبة منهم سرور وكرومة وإبراهيم عبد الجليل، وتغنى بأغاني الحقيبة والتراث وأغاني الحماسة، ومثّل السودان في عدد من المحافل الخارجية. وكان كفيف البصر إلا أنه كان ذكياً ولماحاً جداً.. كما أن لديه صداقات مع عدد من الشخصيات ورموز المجتمع منهم الفريق شرطة الراحل إبراهيم أحمد عبد الكريم والدكتور عبد الحليم محمد والإعلامي المعروف محمد الخير البدوي ورجل الأعمال سيف الدين حاج الصافي والدكتور نصر الدين شلقامي وأشقاؤه. وقال محمد حسن الجقر: الفنان الراحل مبارك حسن بركات يعتبر آخر عنقود الأصوات الجميلة التي تغنت بالأغاني الشعبية والحقيبة في الفترة الحالية وقد كان يصر على أن يؤدي أي أغنية كما الأصل وبتطريب عالٍ وهو ليس مطرباً فحسب، بل موثق ومرجع لكل أغنيات الحقيبة ويعتبر من مدرسة الخلوة والمسيد والمزمار الداودي وحتى بعد كبر سنه صوته تعتق ولم يتغير كثيراً وأصبحت به أصالة وأتمنى من مكتبة الإذاعة السودانية أن تذيع أغنياته التي تغنى بها في فترة الشباب والستينيات ليستفيد ويتعلم منها الجيل الحالي، ونسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يقدرنا على أن نقود السفينة في زمن انحطاط الأغنية السودانية إلى الذوق الراقي. وذكر محمد حسن قيقم أن الفنان مبارك حسن بركات يعتبر فقداً وخسارة فادحة لعشاق التراث والحقيبة في السودان، وكفنان كان يختار الكلمة الجميلة والأصيلة ورجلاً كريماً في كل صفاته وتعرفت عليه بمنزله في عام 0691م بواسطة محمد بشير عتيق ولا نملك إلا أن نقول ما يرضي الله، رحمه الله رحمة واسعة و«إنّا للّه وإنّا إليه راجعون».