في الأسبوع الماضي كتب الأستاذ عبدالعظيم صالح مدير تحرير صحيفة (آخرلحظة) في عموده المقروء «خارج الصورة»، كتب تحت عنوان «خرج ولم يعد» وهو يعني بهذا الخروج الحزب الاتحادي الأصل، وكلمات الأستاذ عبدالعظيم قد كانت بالنسبة لي كالحنظل بل أشد مرارة بل زادت في داخلنا ما نحس به من ألم عن واقع الحزب الذي نعشقه ويجري حبه في دمائنا، ورغم ما بالكلمات من قسوة فهي الحقيقة التي لا نستطيع إنكارها، وقد وجدت في الكلمات صدق الرجل وهو يبدو مشفقاً على حزب له في قلبه مكانة ويحفظ لتاريخه من عظمه.. وهذا وحده شعور طيب نجله للأستاذ عبدالعظيم، لأنه قد كتب في صدق يختلف عن ما يكتبه البعض متجاهلين عن قصد سودانية التاريخ العظيم لحزب الحركة الوطنية الأول - كما أعجبتني مقدمة كلمات الأستاذ عبدالعظيم مذكراً بزيارة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني إلى مدني مروراً بقرى الجزيرة بعد أن وقع الاتفاقية الشهيرة، واتفاقية الميرغني قرنق، ووصف عبدالعظيم تلك الحشود الجماهيرية التي كانت تقطع الطريق لمقابلة مولانا الميرغني وهي تهتف عاش الميرغني بطل السلام.. وكل هذا فيه ذكرى وتاريخ عظيم يجب أن نعيده لمن ينسون ويكتبون متجاهلين عظمة هذا الرجل.. وما قدمه من نضال وتضحيات من أجل هذا الوطن، وكيف كانت قد قابلته جماهير الشعب السوداني بعد توقيعه لتلك الاتفاقية، ثم كيف قابلته الجماهير يوم عودته بعد أن وقع اتفاقية القاهرة مع نظام الإنقاذ من أجل الوطن والحفاظ على وحدته وحقناً للدماء بين شعبه متناسياً مولانا وصافحاً كل العداء وكل السباب والتجريح الذي كان يقدم له من مرتزقة النظام وقبل عودته قالوا له وعندما تعود للسودان لن تجد من يقابلك في المطار غير علي نايل، وعندما عاد مولانا كانت الملايين في استقباله.. وصمت المرجفون من أحاديث الإفك والكيد السياسي عندما عرفوا مكانة الرجل عند أهل السودان عامة. وبدأت التنازلات وتعددت الاتصالات لكسب رجل يحمل في قلبه حب هذا الوطن، ويحمل في داخله كل الصفاء والطيبة والإنسانية وهو قد تعلم الصفح والمغفرة، وقد سمعت مولانا السيد محمد عثمان كثيراً يردد مقولات ونصائح اكتسبها من والده الحسيب النسيب السيد علي الميرغني، وقال إن السيد علي كان يقول لنا إذا جاءك من شتمك بالشباك ثم عاد بالباب يريد مصالحتك فلا ترده وعجل بمصالحته، وهكذا هي اخلاف النبوة وآل البيت.. والتي فرضها علينا مولانا وأراد أن يطبقها علينا، وهذا ما نعيشه ونشكو منه لأننا لم نستطع أن نكون بمستوى هذه الأخلاق العظيمة. وأصبحنا نجأر بالشكوى من واقعنا في الحزب الاتحادي الديمقراطي، ونقول علناً وبوضوح إن المؤتمر الوطني لا يستحق مثل أخلاق مولانا الميرغني السمحة.. وقلنا إنه أي المؤتمر الوطني لا يستحق أن نلتقي معه ولا أن نشاركه في حكومة، وقد قلتها مرة بأن هؤلاء لا يستحقون أن نشاركهم في صينية طعام لأننا نرى بأن مشاركتنا لهم تطيل أعمارهم ونكون بهذا قد ارتكبنا خطيئة في حق الشعب السوداني. ولكن مولانا الميرغني قد قالها لي في الاجتماع الذي قرر المشاركة.. قلت له يا مولانا هؤلاء يلفظون أنفاسهم الأخيرة، فرد مولانا وقال لي هذا من عند الله وهكذا ظلت رؤيتنا تختلف عن رؤية مولانا عن جماعة المؤتمر الوطني، ونراهم وهم يدبرون لنا المكائد ومولانا يعلن الصفح عنهم. ويقول هذا من أجل الوطن.. ومكائدهم ومؤامراتهم قد استطاعت تقسيم حزب الحركة الوطنية- الذي حقق استقلال السودان- إلى أشلاء وفصائل وليس فيها ما يستحق أن نسميه حزباً، ولكن وحتى لا تلتئم هذه الفرقة ويحدث التوحد فهم يعطون الأفراد المناصب. وأسألكم بالله ولولا المؤامرات فهل يستحق حزب الدقير أن يكون حزباً وهو وأخيه أو شقيقه وزراء؟ أنني أشعر بحجم المؤامرة عندما اسمع مساعد رئيس الجمهورية الدقير وهو يتحدث منتشياً وكأنه الشريف حسين الهندي، وأقول بالسخرية القدر وأحمد بلال عثمان وزيراً للإعلام، وقد هاجمني مرة وسماني «درق سيدو» وأقول إن حزني بصدق شديد على ما لحق الحزب الاتحادي من أضرار بسبب مؤامرات جماعة المؤتمر الوطني وكيف لا يخرج ولا يعود.. وأقول للأستاذ عبدالعظيم لم يخرج الحزب الاتحادي وحده بل خرج كل السودان وأهله لأن هجرة أبنائه تزداد كل صبح جديد، هرباً من واقعهم البائس، لقد خرجت كل الكوادر المؤهلة لأن السودان ما عاد فيه ما يحثهم على البقاء، ولكن رغم ذلك فإني أرى بأن رحمة الله قادمة ولن يطول هذا التساؤل وأن الحال سوف ينصلح، وأن الحزب الاتحادي الديمقراطي بأكمله سوف يعود موحداً كما كان في الماضي بعد عام 1967 عندما كان يرعاه مولانا السيد علي الميرغني ورئيسه السيد اسماعيل الأزهري- لأني أرى بأن المتآمرين عليه ومن سعوا لتشتيته فإن الدائرة تدور عليهم والآن ما عادوا كما جاءوا إلى سدة الحكم عام 1989م فقد طالهم الشتات وازدادت المسميات.. والأكثر أهمية فنراهم وقد طالهم الخوف من الذي يحدث للإسلاميين في العالم العربي وفشلهم في الحكم وهو فشل طبيعي ومتوقع، لأن الله لن ينصر قوماً ويكتب البقاء لهم وهم يدعون الإسلام ولا يعملون له ولا به.. وطالما الجماعة أصابهم الخوف فيجب استغلاله من أجل العودة وكما قال المثل «الخوف يقصر العمر» وأقول كذلك بأن عودة الحزب الاتحادي الديمقراطي لها أسبابها وهناك من يعملون لها.. وهذه المجموعة قد تحركت منذ فترة وقد كانت تستهدف المشاركة في الحكومة وضرورة فضها، لأنها مصيبة في حق الحزب الاتحادي الديمقراطي، وهذه المجموعة تضم خيرة الشباب وأصدقهم للحزب الاتحادي وللطريقة الختمية واذكر بعضهم حتى لا تزداد المؤامرات وتشويه صورة مقاصدهم واذكر منهم للعلم فقط أحمد عبدالله كرموش، ومحمد الخليفة أحمد، محمد الحسن كمبال، وهاشم عمر محجوب، والأستاذ هاشم الزين، والعجب محمود، الأستاذ قاسم عبدو خليل، وخالد عبدالهادي، ومالك ضرار. ويترأس هذه المجموعة شيخنا حسن أبو سبيب وهو نائب أمين الطريقة الختمية، وماذكرتهم من بيوت ختمية واتحاديين أصليين وهذه المجموعة تمثل محليات الخرطوم السبع، وكان قد وصل تحركهم درجة الازعاج لبعض القيادات الاتحادية فحرضوا مدير الدار وقام بقفلها أمام اجتماعاتهم وتحولوا إلى دار الشيخ أبو سبيب ثم تحولوا أخيراً إلى دار كرري، وقد توسعت اجتماعاتهم وانضمت لهم أمانة المعلمين والمحامين كما جاءتهم مجموعات من ولايات السودان من الجزيرة، وكسلا، ونهر النيل، والشمالية، والأبيض، والجميع يؤيدون هذا التحرك والقصد منه تحريك القواعد لحصر العضوية ولعقد مؤتمراتها القاعدية استعداداً لقيام المؤتمر العام، والذي دعا له مولانا الميرغني رئيس الحزب قبل عدة سنوات، والقصد من هذا التحرك بث الاطمئنان عند الجماهير الاتحادية بأن حزبهم سيعود وأن مؤتمرهم سوف يعقد لأن عدم عقد مؤتمرات الحزب قد أصبحت سبة وتشويه لواقعنا الذي لا يشبه ماضينا- وقد أصبح هناك الكثير من الاحباط عند الجماهير الاتحادية، وهناك غياب حقيقي ونعترف به كما تحدث الأستاذ عبدالعظيم، وهذه المجموعة الاتحادية والمخلصة والتي تعمل من أجل هذه الحركة وإعادة النشاط لصفوف الحزب الاتحادي الديمقراطي، نجد بكل أسف تشويهاً لصورتها والتقليل من مقاصدها وهذه الحملة يقودها المرجفون الذين ظلوا عقبة أمام أي نشاط لهذا الحزب، وهم يخافون من أي حركة تقود لمؤتمرات عامة، لأنها قطعاً سوف تبعدهم من واجهة القيادة. وهؤلاء قد تعودوا ألا يعملوا ولا يسرهم أن يعمل الآخرين وأيضاً هذه المجموعة من مصلحتهم أن يظل الحزب الاتحادي في هذا الموت السريري لينتفعوا من هذه الحالة البائسة، وهؤلاء من ضمنهم المشاركون في الحكومة ومن وجدوا راحتهم في هذه الكراسي الوثيرة، وهي في حقيقتها مقاعد من نار جهنم، وقد ظللنا نناشدهم بالابتعاد عنها حفاظاً على كرامة الحزب الاتحادي وتاريخه الذي لم يشارك في حكم شمولي، ولم يمد يده لنظام جاء بالبندقية ضد الديمقراطية، ولكنهم سخروا منا وقال أحدهم إن الحديث عن ترك المشاركين خيانة عظمى وقد تركنا الحديث عن المشاركة، لأن نهايتها قد حان وقتها وأن التاريخ لن يرحم هؤلاء والمجموعة التي تتحرك الآن فهي تعمل من أجل وضع أساس قوي للمؤتمر العام، والذي سيرعاه ويحدد ميعاده السيد رئيس الحزب مولانا الميرغني، وهذه المجموعة تسير على هدي دستور الحزب ومرشده العام ولا سبيل لها إلا أن تكون تحت رعاية وإمرة مولانا الميرغني، وهذه حقيقة يجب أن يضمنها المضللون والمرجفون أصحاب الأجندة الخاصة والمعوقين لكل نشاط يصلح حال هذا الحزب، ولكننا نقول لكم لن تحققوا ما تريدون.. ونكرر القول للأستاذ عبدالعظيم أبشر فإن الحزب الاتحادي عائد وهو أكثر قوة ومنعة بإذن الله