الولاية الشمالية التي طالما اعتصرها الفقر وشح الإمكانات.. وضيق الأراضي الصالحة للزراعة.. فظلت الجبال والرمال والفيضان والهدام مهددات لذلك الشريط الزراعي الضيق.. وظل أهل الشمالية في صراع مع تلك المهددات تمسكاً وارتباطاً بأرضهم في انتظار عون ودعم الحكومات المتعاقبة، حتى قام سد مروي شامخاً.. وكبرت معه أحلام أهل الشمال بأراضٍ جديدة يعمروها.. وكهرباء تخفف تكلفة الإنتاج.. ظل الحال على ما هو عليه.. وأهل الشمالية يتلفعون الصّبر وينتظرون الأمل القادم.. حتى جاءت نفرة مصارف الزكاة.. جاءت النفرة تمتطي بصاً سياحياً.. فجادت بالجديد والخير الوفير.. فقد حمل البص في جوفه الوزراء وبقيادة الأستاذة مشاعر الدولب وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي، والأستاذ محمد عبد الرازق أمين عام ديوان الزكاة الإتحادي، وصاحب اقتراح أن تكون النفرة على متن بص سياحي ليعطي الدرس الأول في رحلات العمل لكل وزير ومسؤول.. وليجعلنا نتفاءل خيراً بصلاح الخدمة المدنية إذا تولى واستلم زمامها الرجل المهني (التكنقراط) الذي يعرف ماذا يريد وكيف يخطط وينفذ.. والأهم يعرف كيف ومتى يتحرك.. وكيف ينفذ بصورة عملية علمية قليلة التكلفة سريعة المفعول وعميمة الفائدة.. نفرة الزكاة كانت داخل بص سياحي للولاية الشمالية هي حقيقة عشناها فلا خيال ولا أحلام.. الوزراء.. الأمناء وكل قيادات الأمانة العامة للزكاة وأمين خطاب الزكاة والمصارف وبعض من المسؤولين وأعداد من الصحافيين والمراسلين والفضائيات، وداخل البص عُرضت أغراض الرحلة.. فكانت المعلومة حاضرة وصناعها شكلوا حضوراً.. عكس ما كان يحدث حينما كان المسؤول محلقاً بطائرة.. والإعلامي مهرولاً.. فحقاً كان المسؤول والإعلامي في خندق واحد.. وحقيقة هذه الرحلة جعلتنا نحلم أن تكون مؤسسات الدولة في يد رجل تكنقراط يفكر بموضوعية.. ويتحرك بعلمية ومهنية.. وينفذ بثقة وفقاً للواقع والمعطيات. نفرة الزكاة للولاية الشمالية كانت بسيطة في كل شيء، ويكفي الدهشة التي لاحظناها على وجوه الجمهور والمسؤول وهم يشاهدون الوزراء والأمناء والقادة وأهل الإعلام يترجلون من جوف البص.. وازدادت دهشتهم بالمكاسب التي حققتها هذه النفرة، والتي استمرت ثلاثة أيام لثلاث محليات، وغطت بخيرها محليات الولاية السبع، وانعمت عليهم بخمسة مليارات وخمسمائة مليون من الجنيهات فكانت تفاصيلها: - رؤوس أموال لبعض الأسر الفقيرة. - مواتر بصناديق للنقل. - خمسون موتراً كوسيلة حركة للمعاقين. - قوت الخلاوى لكل الخلاوى بالولاية الشمالية. - وسائل انتاج.. ووابورات كهربائية.. وسحانات بهارات. - الاهتمام بالمشاريع الانتاجية والأولوية لكهربة المشاريع الزراعية المتبقية، كما وعدت الوزيرة مشاعر الدولب.. بأن يبدأ هذا العمل بمشروع تنقسي الزراعي، حيث أكدت الدراسات بأن معظم مزارعيه من الفقراء. وختاماً.. نخاطب السيد الرئيس شاكرين جهده وتوفيقه باختياره الموفق.. مؤملين أن يواصل بحثه عن الرجل المهني «التكنقراط».. فكما أشرنا لكم وعلى صفحات «آخر لحظة» بعبد الله المساعد بديوان الضرائب والذي يُبلي الآن في دهاليز الضرائب.. وبالأستاذ محمد عبد الرازق الرجل المهني الزاهد في ديوان الزكاة.. فلن نبخل عليكم بالإشارة لأمثالهما، فهم كُثر انزووا بعفتهم ومهنيتهم وزهدهم في ركن قصيّ تلفهم الحيرة وهم يشاهدون قطعة الخبز يصنعها الحداد... وقطعة الحديد في يد الخباز.. وفساد.. وخراب.. وفوضى في كل دواوين الدولة.. واصل سيادة الرئيس تعديل الصورة المقلوبة، فنفرة الزكاة للولاية الشمالية أوضحت الفرق الشاسع بين المهنية والعبثية.. وبعدها سنهتف مرحباً بالرجل المهني الذي يعرف ما يريد.. ووداعاً للمسؤول غير المسؤول.