قد يبدو للبعض أن طرح التعددية الثلاثية على مستوى التمثيل السياسي يخل بمفهوم التعددية الديمقراطية، بغض النظر عن المضامين التي تؤسس عليها، طائفية أو غير طائفية، وهذا القول صحيح في جانبه الإطلاقي إذ تبدو التعددية الثلاثية وكأنها على مختلف التوجهات التقولب في بوتقيات محدودة لا خروج عنها، ولكننا بمنظور أكثر عمقاً ينطلق من أصول المشكلات والأزمات السودانية ومنذ عام الاستقلال في 1956م، ومن جهة ومن بعد قيام الإنقاذ في العام 1989م وما أحدثته من تحولات نوعية حتى عام 1996م.. من جهة أخرى نجد أن صيغة التعددية الثلاثية تأتي محكومة الاعتبارين وتؤسس عليهما.. فالتعددية السياسية مطلقاً تعني العودة لمركبات أسمرا الثلاثية (الطائفية والعلمانية الليبرالية والعنصرية والأفريقية) وهذا أمد قد رفضناه لا بمنطق الديمقراطية السياسية، حيث تفتح المشاريع الدستورية أمام الجميع بما في ذلك ثلاثية اسمرا، فالرفض هنا ينطلق من تصور استراتيجي وليس مع تصور سياسي يقوم على حقيقة المواطنة المتكافئة كيفما يكفلها الدستور الديمقراطي ويضمن معها حق التنظيم والتعبير، فالمعركة مع ثلاثية السودان بحداثة تكونية الجغرافي السياسي منذ العام 1874م وحداثة تكوينه الاقتصادي والاجتماعي من العام 1920م، ويتنازع طوائفه وأقاليمه وقبائله، وصراعات أحزابه ونقاباته يحتاج إلى إعادة تأسيس وفق برنامج محدد، ويحتاج تنفيذ هذا البرنامج إلى سلطة وطنية وسياسية مركزية قابضة تهيمن على سلبيات التكوين وتحول البلاد إلى ورشة عمل، وهذا ما يتناقض جذرياً مع منطلق على الأطر الحزبية والطائفية المختلفة والنقضية، بحكم تركيبها لبرنامج إعادة تأسيس إذ تجعل همها الإفادة من أغلبيتها المكانيكية لممارسة السلطة فقط، ولكنه تحت دعوى حق أريد باطل ونقضه لبناء هذا الوطن إن كل متخصص في القانون أو العلوم السياسية والدستورية والإدارية ليس بمقدوره قط أن يوظف تخصصاته هذه لمصلحة بناء الوطن دون أن يربطها بأوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية الأكثر تخلفاً في العالم، ويتطلب ذلك منا أيضاً إجراء (بحث مقارن) بين ما هو عليه حال الديمقراطيات الصناعية في النصف الثاني من العالم وما هو عليه حالنا، فحالنا يتطلب الربط بين شكل ومضمون نظامنا السياسي من جهة أخرى، خلافاً لأشكال الأنظمة السياسية في الديمقراطيات الصناعية والتي أعادت صياغة مجتماعاتها منذ قرنين وتأهلت كافة قواها السياسية للممارسة الديمقراطية المطلقة بحكم أن كافة هذه القوى مؤهلة لقيادة البلاد، أما هنا فإن أعباء إعادة التأسيس تقع مباشرة على عاتق القوى الاجتماعية الحديثة وغيرها نقيض لها، ولهذا لا يمكن موضوعياً طرح شعار التعددية السياسية مطلقاً وبلا مضمون بل يجب طرحه بمعايير محدودة التعددية من أجل ماذا؟ والتعددية لمن؟ والتعددية كيف؟ هنا سننازع الإجابات أمرها.. فالطائفي يريدها تعددية من أجل (السلطة) أو المثقف يريدها تعددية من أجل (الحرية) والمواطن يريدها من أجل (حقوقه السياسة في المشاركة) بمنطق المواطنة فإذا فككنا التساؤلات والأجوبة نجد أن السؤال الأول (التعددية من أجل ماذا؟) يقودنا إلى الجواب.. التعددية من أجل إعادة تأسيس الوطن.. وبالتالي لا من أجل السلطة مطلقاً.. وهذه الإجابة تستبعد تلقائياً قوى التخلف الطائفي، وبموجب ذلك تتحدد الإجابة على السؤال الثاني التعددية من أجل من؟ فتكون (التعددية كيف) وتكون الإجابة بين نظام الإنقاذ ومؤسساته الدستورية والسياسية والجبهة الوطنية المتحدة، نريد أن يغني السودان. تعليق: - لقاء الترابي والبشير فاتحة أمل مرتجى.. - ولقاء البشير والصادق سيكون به اتفاق.. - لقاء البشير والميرغني يتم فيه صمت الميرغني ووطنية البشير.. - لقاء البشير والشعب السوداني اختاره الشعب السوداني رئيساً لمرحلة مقبلة.