ما عاد الزمان هو الزمان.. ولا الأشياء هي الأشياء.. تغيرات جذرية طالت كل الكون وما فيه.. لا أحد يعرف أو يتخيل ما يمكن أن يكون!! يتزوجها وهو مفتون بعيونها العسلية وشعرها المسترسل الطويل.. فيتنبأ بأن أبناءه سيكونون من ذوي البشرة البيضاء والشعر الحرير «حتى أنه يتخيل أحدهم يبتسم في علبة حليب والصحة تزغرد في وجنتيه الحمراوين».. بعد مرور أيام العسل وبعد أن تفقد الكريمات مفعولها وتعود العدسات المستعارة إلى داخل السائل الذي يحفظها.. يكتشف صاحبنا بأنه قد«بعزق تنبؤاته في الرهاب» وأن العروس سمراء البشرة جعداء الشعر... يحدوه الأمل في أن يكون مشروعه القادم فاتحة خير عليه بعد أن اكتملت كل أركان النجاح.. لا شيء يقف أمام تحقيق كل طموحاته سوى ضربة البداية.. كل التنبؤات تشير إلى الربح والمكسب.. الثروة والمجد.. فجأة يتبدد الأمل.. تتسرب الآمال ويقبع «المتنبئ» في السجن لحين السداد.. وتمد التنبؤات- التي قلما تصيب- لسانها ساخرة وهي تتوارى في الزحام لتمسك بتلابيب آخر..! منذ أول لحظة أحست بأنه فارس الأحلام فتنبأت بأنه «فردوس السعادة المشتهاة».. هو من سيتجاوز سقف الممكن ليحلق في أبعاد مجنحة لا يطالها حتى خيالها.. فكل المؤشرات تدل على أنه «وحيد زمانه».. ألحَّت على أهلها .. ليغيروا نظرتهم المختلفة مارست كل الضغوط حتى تم المراد.. بعد أيام قليلة غاب عن الوعي بعد أن نفث دخانه الأسود من سيجارته الخضراء «فلعن سنسفيل جدودها» وانقلب الفارس مارداً أرعناً، وخابت للمرة المليون النبوءة.. التي زينتها العاطفة الخالية من حسابات العقل.. لقد أصبحت الأشياء.. عاليها سافلها.. بعد أن تغير الناس.. وتوارت كثير من القيم والموروثات الأصيلة فخاب الحدس.. وماتت الأمنيات.. فالقشور الزائفة ببريقها المستعار تخدعنا فلم نعد ندري الأصل من التقليد..! ü زاوية أخيرة: حتى الطبيعة تمردت على المألوف وصارت كل توقعات الطقس خائبة.. أمطار غزيرة «يعني جبهة باردة..» ارتفاع في درجات الحرارة يمكن أن يكون أتربة عالقة!.. إن الكون يتغير حين يتغير البشر!!..