حفلات الزواج في وقتنا الحالي تفوق كل الخيال وقد استمرت بشكل مزعج يثير أنفاس من لا يملكون ما يسد افواههم بينما غيرهم من الكبار يقدمون السيارات للعروسة.. وأما الذهب فحدث عنه ولا حرج وأشياء فوق المستحيل نفسه.. وهنا لابد أن أتحدث عن حفلات الزوج في صدر الاسلام الذي كان في غاية البساطة.. ونهدي ذلك لكبار اليوم والذين وصلوا لاي مرحلة ادخال المال في جيوبهم بطرق لا توصف.. وذلك الذي يحدث دون رقيب وحسيب.. الأشياء التي أذكرها عن تلك الحفلات تستحق من اهل العروس عندنا أن تقف عليها وأقول إن أحسن مثل لذلك زواج السيدة فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم من سيدنا علي بن ابي طالب ويقال إن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب خطبا فاطمة من الرسول فاعتذر في رفق.. وقد اشار بعض الصحابة على علي أن يخطب فاطمة من أبيها فقال لها الرسول إن علياً يذكرك وقالت له اهلاً وسهلاً وكانت هذه علامة الرضا وكان صداق فاطمة وغيرها من بنات الرسول خمسمائة درهم اي نحو اثنتي عشرة أوقية ونصف ثم جهز لفاطمة العروس سريرًا مشروطاً ووسادة حشوها ليف وتور (إناء) وقربة ومنخل ومنشفة وقدح بجانب هدايا من بعض النساء بينهن ما تقدمه نساء اليوم... تم زوج فاطمة في شهر رجب بعد مقدم النبي المدينة بخمسة أشهر، وقد بنى عليها علي بعد أن عاد من غزوة بدر وكانت في الثامنة عشرة من عمرها، وكان للزواج عند العرب يومان يوم الاملاك وهو يوم العقد وفيه يجتمع أهل الفتاة في ساحة دارهم.. ويقدم أقارب الفتى واذا التأم جمعهم خطبهم ولي الفتى خطبة رقيقة ثم يرد عليه ولي الفتاة في خطبة قصيرة يضمنها الرضاء.. ثم يتم النحر وتمد الموائد ويسمع الغناء من مجالس النساء.. وتسمى وليمة ذلك اليوم «النقيعة» واما اليوم الثاني يوم «البناء» وفيه يتبارى العرب في الاحتفال، فيلعب الفتيان بالرماح ويتسابقون على الخيل.. ومن هناك يبسطون الأنماط في الدار وتجلس النساء على النمارق وتجلى الفتاة وتلبس الحلي ثم تسير في حشد من أترابها ثم تتغنى النساء مشيدات بمآثر آبائها ومحامد قومها، وما أن ينقضي ذلك الحفل الا وتبدأ النساء في الانصراف ويودعنَّ الفتاة بقولهن: باليمن والبركة وعلى خبر طائر ذلك هو الاحتفال ولن يتحقق عندنا ابدًا وقد امتلأت عاصمتنا الخرطوم بالكثير من الصالات العجاب المثيرة والباهظة السعر وهناك يقدمون أفخر الأكل.. واغلى الروائح والبخور والناس بعدها وانتهاء الغناء ينشرون عاطر التهاني للعريس والعروسة من الوجهاء والبارزين.. واما ما صرفه العريس من أموال لا تحسب ولا تعد فهي مسؤولية من يحضر ويدفع وينفق.. وأطالب القراء أن يقارنوا بين الذي يحدث الآن في صالات الأفراح وبين ما حدث في صدر الاسلام.