(ما تشبحوا لي عيونكم زي شبابيك بيوت الديم كلها فاتحة في الشارع، ولا ينط واحد من أولاد الخرطوم يقول لي: حمار شنو ولا مؤاخذة!).. يا أخي ربنا سبحانه وتعالى قال:(والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) قال: (وزينة) ولم يقل و(لا مؤاخذة) لذلك فالحوار الوطني الذي يراه الأكثرية (زينة) فالبعض يقول عنه (ولا مؤاخذة)!! وأشد ما نخشاه هو قتل الحمار «عفوًا» قتل الحوار الوطني في مهده قبل أن يبدأ، وذلك بتحويله الى حوار حزبي ومحاصصة ومحاسبة ومناصبة بين معارض متربص، وحاكم متوجس، ومتمرد متمترس.الوطن يا عالم اكبر من الحكومة وأعلى من الحزب، وفوق البيوتات، وأبقى من الأفراد، فهل لنا أن نطمع في حوار وطني يسمو بنا على جراحات الحرمان من السلطة من جانب، ومكايدة السلطة من جانب آخر.إذن دخلت أحزاب المعارضة الى الحوار وهدفها الأساسي هو تفكيك الحكومة، أو دخلت أحزاب الحكومة وعلى رأسها المؤتمر الوطني، الى الحوار بنية تفكيك المعارضة، أو حتى حركات الجبهة الثورية اذا قبلت بالحوار، وجاءت تراهن على ضعف (حقيقي أو متوهم) أصاب الحكومة فألجأها الى الحوار، فاعتبروا الحمار الوطني قد نهق فشهق فنفق عليه رحمة الله.الرئيس البشير أحدث انقلاباً جذرياً في فكر الانقاذ بدأه بقرار إعفاء الحرس القديم واكثرهم من الكفاءات العالية واتبع ذلك بخطاب الوثبة أمام الأحزاب في دار المؤتمر الوطني ثم تداعيات خطاب الوثبة... والأحزاب الكبرى لم تقصر في إبداء حسن النية والاستجابة للدعوة والاستماع والتعليق الايجابي وطرح المحاذير الواقعية . ولو كان لي سلطان على الحمار الوطني لطلبت منه أن (يلفخ) الهوية بعيدًا عن موضوعات الحوار، لأن الهوية تطبخ على نار هادئة من الحراك الثقافي المتعدد، والتمازج الاجتماعي العميق، ولا تشوى على جمر التنازع والتغالب السياسي الحارق.. ولو كان لي عليه سلطاناً لأمرته أن يعض على قضية السلام بالنواجز وأن يلوح بذيله لقضية الحريات لأن الذين يستغلون الحريات استغلالاً خاطئاً هم أخطر عليها من الذين يكتمونها أما قضية الاقتصاد فلو غيرنا انماط الانتاج بتحديثها، وقومنا سلوكيات الانتاج، واصلحنا الخدمة العامة، وضربنا الفساد المالي والاداري في أوكاره، بعد ذلك فليحكم السودان من يحكمه. أحزاب السودان بلغت المائة ولكن (اذا طا بت النية فالحمار الوطني يشيل مية) والخوف أن يُربط الحمار الوطني الى رحى الدورة الخبيثة فيظل يدور والرحى تعصر الزيت الوطني (فتطلع زيت الوطن) وإنها لآخر فرصة لإخراج الوطن من عنق زجاجة الصوملة، وأخشى أن لا تستبين القوى السياسية حاكمة ومعارضة ومقاتلة النصح إلا ضُحى الغد. و«ان شاء الله تسلم وطني العزيز.»