هل كان محمد الشيخ مدني مديراً لشركة حجار؟ صحف الجمعة 25/4/2014 حملت خبراً يثير الدهشة والاستغراب: يقول الخبر إن شركة حجار للتبغ تقدمت لمجلس تشريعي الخرطوم بمذكرة تطلب فيها تجميد قانون مكافحة التبغ الذي أجازه المجلس وأصبح ساري المفعول.. طالبت الشركة بمهلة جديدة تتراوح بين السنة والثلاث سنوات لتطبيق اللائحة المنظمة لقانون مكافحة التبغ الصادرة منتصف يناير 2014 فالشركة طالبت بمنحها عاماً آخر لانفاذ التعليمات الخاصة للتنبيه بمضار السجائر بالكتابة ووضع الصور التحذيرية على عبواته وهذه تمثل نسبة 30% من مساحة العبوة مقارنة ب70% من المساحة في الدول الأخرى، فضلاً عن التماسها مهلة لمدة ثلاث أعوام لتحديد نسب النيكوتين والقطران وأول أكسيد الكربون.. قد يتساءل المرء لماذا ثلاثة أعوام؟ والإجابة تعود للجشع والرغبة في مضاعفة الأرباح على حساب صحة المواطنين المدخنين، لأن نسبة هذه السموم من النيكوتين والقطران وأول اكسيد الكربون في السجائر في السودان أكبر بكثير من النسبة العالمية المسموح بها، مما سيجبر الشركة على استخدام أنواعاً جيدة من التبغ تقل فيه نسبة هذه السموم، وذلك سيقلل كثيراً من الأرباح الباهظة، والشركة تراهن كذلك على الزمن فهي تقدر أن الوزير الحالي لن يبقى في منصبه حتى ذلك الحين والقضية سيطويها النسيان في عهد من يعقبه في الوزارة.. مصدر الدهشة أن رئيس المجلس التشريعي استلم تلك المذكرة وكون لجنة لدراستها! إن هذا تعدياً صريحاً على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.. ففي هذه الحالة كان دور السلطة التشريعية هو سن قانون مكافحة التبغ.. وتلكأ المجلس في إجازة القانون مدة طويلة ولم تتم إجازته إلا بضغوط هائلة من وزارة الصحة ومن الرأي العام في الصحافة السودانية.. وخاض السيد رئيس المجلس معركة خاسرة مع عدد من الصحفيين والكتاب كنت واحداً منهم.. يقول المثل «تحدث حتى نعرفك» فالسيد محمد الشيخ مدني كان ملتزماً الصمت مدة طويلة، وبسبب هذا الصمت لم يكن معروفاً، وعليه كان يتمتع بقدر كبير من الاحترام، ولكن في الفترة الأخيرة اضطر للحديث فسقطت كل الأقنعة.. تحدث في أمر قانون مكافحة التبغ الذي تقدمت به وزارة الصحة لولاية الخرطوم لاجازته، وتحدث في أمر اللائحة المصاحبة لذلك القانون وكان حديثه في الحالتين مثيراً للشفقة.. قدم أسباباً أوهن من خيط العنكبوت ليبرر بها تعطيل وتأجيل إنفاذ القانون وتطبيق اللائحة.. وانبرى السيد رئيس المجلس التشريعي بنفسه ليرد على الذين انتقدوه في الصحف وكنت أحدهم وكانت ردوده تفتقر للموضوعية، وتحتشد بالمهاترات، والساقط من القول، مثل قوله «القلم ما بزيل بلم» وكنت أنوي الرد عليه رداً موجعاً يستحقه، ولكن بعض الاخوة الاعزاء طلبوا مني الامتناع، خاصة وأنه أبدى تراجعاً عن تعطيل لائحة قانون مكافحة التبغ ووافق على إجازتها.. تحدث السيد مدني مرة أخرى- لا فض فوه- بوجوب إغلاق دور المسنين وتحويلهم «للمسايد» جمع مسيد.. وأثارت هذه التصريحات الخطيرة عاصفة من النقد الموضوعي، والذي مرة أخرى جعله يرد بغضب ورعونة موجهاً حديثه لأحد رؤساء الصحف المعروفة بأنه لا يعرفه ولا يقرأ له.. فتأمل أيها القاريء الكريم وتعجب.. فالسيد رئيس المجلس أساء لنفسه من حيث أراد الاساءة لمنتقده.. فكان يمكنه القول بإنه يختلف مع ذلك الصحفي في كل ما يكتب ولكن أن ينكر مجرد معرفته ظاناً بأنه بذلك يوجه اليه اساءة بالغة فذلك أمر مدهش.. وقال السيد محمد الشيخ مدني فيما قال إن الناس حسبوه يقصد المساجد، ولكنه كان يقصد المسايد، ولكن المساجد والمسايد مثل أحمد وحاج أحمد، ولعل السيد مدني لا يعلم أنها في الأصل كلمة واحدة فكلمة مسجد تنطق في العراق مسيد والعراق هي أصل نشأة الطرق الصوفية ونشأة الخلاوي لتحفيظ القرآن. نعود لموضوعنا وهو تدخل السيد رئيس المجلس التشريعي مرة أخرى في أمر تنفيذ قانون مكافحة التبغ، وهو من صلاحيات وزارة الصحة وأجهزة النيابة، وأجهزة الشرطة.. ونتساءل ما هي مصلحة رئيس المجلس في تعطيل انفاذ القانون؟هل عمل السيد محمد الشيخ مدني مديراً مالياً في شركة حجار؟ وهل احتفظ بذلك الموقع ومخصصاته حتى بعد توليه منصب وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم؟ وهل مازال محتفظاً به وهو رئيس تشريعي الخرطوم؟ وهل لكل ذلك علاقة بموقفه الحالي حيال قانون مكافحة التبغ؟على السيد محمد الشيخ مدني تقديم استقالته فوراً ليس فقط لمواقفه الحالية، ولكن البلاد تستشرف عملية إصلاحية كبرى تحتم على الذين تبوأوا المناصب القيادية لعشرات السنين أن يترجلوا لإتاحة الفرصة للكفاءات من الشباب، ولن يصبر الشعب السوداني على امثال هؤلاء، فحواء السودان لم تصب بالعقم بعد. نائب رئيس جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا