الاستاذ الجليل.. علي عبد الله يعقوب لك التحايا والود والتوقير والسلام.. واليوم استاذي الجليل.. ولست أدري إن كان يفرحني أو يغضبني أن أختلف معك خلافاً واسعاً.. شاسعاً وشاهقاً.. خلاف أراه أطول مسافة بين المشرق والمغرب.. خلاف أشد إبانة من الليل والنهار.. ولكن- استاذي- اطمئن.. فأنا سأكتب لك بأشد العبارات نظافة وأناقة.. بأكثر المفردات فخامة ووسامة.. بأبهى الحروف رقياً وابهاراً.. لأنك استاذي في المرحلة الثانوية.. فقد كنت تلميذاً لك ولمدى أربع سنوات واصلة موصولة ومتصلة.. لذا لا تعجب أن كتبت لك بباهر الحروف ونقي المفردات.. فهكذا علمني ديني.. وهكذا أدبني أبي وأحسن تأديبي.. هو أن تجلس أبداً أمام كل من علمك حرفاً.. وأن تجادل بالحسنى كل من وهبك علماً.. وأن تتأدب في حضرته دون التفريط في ثوابت معتقداتك في الوطن والمواطنة.. وها أنا أفعل.. وقبل الابحار في نهر حضرتك دعني أقول إن «المناسبة» هي حوارك مع الاستاذ عبد الرحمن حنين عبر صحيفة الوطن الغراء يوم الأحد 27/4/2014م.. فقط ذاك الحوار هو الذي أوحى لي بكل الذي أنا بصدد كتابته أدناه.. وتبدأ بمفتاح الحوار والذي كان سؤالاً من الاستاذ «حنين» ونصاً كان «هناك حديث عن اعتزالك العمل السياسي واعتكافك بالمنزل».. أما الاجابة فقد كانت تحمل شقاً بنعم ونصفاً بلا.. أسعدني في الاجابة انك رأيت ضرورة أن تنقطع للعبادة و«مراجعة بعض المواقف» وليتك صمت تماماً بعد هذه الكلمات.. أن تنقطع للعبادة هذا أمر يخصك وحدك.. وهذا شأن بينك والخالق الواحد نحن لا شأن لنا به.. ولكن أنا كنت أظن أن عدم ظهورك في ساحات الانقاذ والتي هي وليد أصيل للحركة الاسلامية هو شعور تام بذاك التخريب المتعمد والأخطاء الفادحة المهولة القاتلة التي ما برحت الانقاذ تقوم بها كل يوم.. كل يوم باسم دين الله المطهر.. وهي تفعل ما تفعل مع تذكيرنا كل ساعة إنما هي ترفع رايات اسلامية فوق رؤوسها أحياناً يبلغ بها التهور مبلغاً تقول فيه إنما هي تحكم بما أنزل الله حتى لا تكون من القوم الظالمين.. ليتك قلت مثلما قال «أخوكم» الراحل يسن عمر الإمام- عندما بلغ به الغضب واليأس والحسرة من «عمايل» الإنقاذ.. فقد قال الرجل وحديثه ما زال يرقد في صحف الخرطوم بالحرف والكلمة والنص قال «والله بت أخجل من نفسي عندما أحدث «جيراني» عن الاسلام.. بل كان المصلين يضحكون عليّ عندما أحدثهم عن الاسلام» انتهى حديث الشيخ الراحل يسن.. ونسألك استاذي علي وأنت الذي أفنيت كل شبابك وجل عمرك تحت رايات الحركة الاسلامية وتحديداً الإخوان المسلمين.. نسألك هل الذي يجري أمام عيوننا بل الذي يجري لنا وللوطن هل يمت بخيط واهياً وواهناً بالاسلام؟؟ ونقفز بالزانة استاذي الجليل إلى سؤال ذكي وجريء آخر من المحاور الشجاع.. السؤال كان زلزالاً بقوة عشرة درجات من قياس ريختر.. السؤال ليس سودانياً فحسب بل ظل هذا السؤال يحلق فوق كل السموات العربية والإجابة عليه أوضح من شمس الظهيرة في خط الاستواء في سماء صافية.. وقبل أن نذهب إلى السؤال.. دعني أورد الاجابة.. وهي.. نعم لقد فشلت التجربة تماماً ليس في السودان فحسب، بل في كل بلد عربي حاول الاسلاميون أن يقودوا فيه أوطانهم.. والآن إلى السؤال الذي اطلقه المحاور للاستاذ علي عبد الله يعقوب.. السؤال هو- «ألا توافقني الرأي بأن تجربة الاسلام السياسي قد فشلت؟ وإن الحركة الاسلامية ما عادت بنفس القوة؟؟.. والآن أعود بكم إلى الإجابة التي يتحدث بها الناس.. كل الناس.. بل يتحدث بها أصحاب الجلد والرأس من الأحبة قادة الحركة الاسلامية.. بأنها قد فشلت فشلاً يتحدث بذكره حتى الأخرس والأطرش.. ويكفي كثيراً أن نورد أحاديث حتى القادة.. بأن الذي كان سائداً في الوطن ليس حكماً اسلامياً خالصاً.. بل كان فقط «دغمسة». وبكرة نواصل