للدكتور (أحمد السيد حمد) رحمه الله- ليحل محل ومكان عضوهم المستقيل في رأس الدولة ولما كان الود مفقوداً بين المرحوم د. أحمد السيد حمد والصادق المهدي رئيس الوزراء فقد أعلن مراراً رفضه المرحوم د. أحمد السيد حمد وتبديله بأي عضو اتحادي آخر لما شعر الصادق المهدي وعلم أن غالبية البرلمان سوف يسقطون وزير ماليته الدكتور بشير عمر وأن فضائح التعويضات سوف تزكم الأنوف في الشارع السياسي أتفق مع الاتحاديين على تأييدهم لوزير المالية أولاً ثم بعد ذلك يأتي دور عضو مجلس رأس الدولة فكان رد اعتبار وزير مالية الصادق المهدي بمساندة الاتحاديين له وكان أن سقط عضو الاتحاديين لرأس الدولة بوقوف حزب الأمة ضده وكان فوز «النصري» وكان يحدث كل ذلك وقد نسى الاتحاديون أن المرحوم الشريف حسين الهندي استطاع بدهائه وذكائه المعروف أن يسقط الصادق المهدي في دائرة جغرافية كانت معقلاً للأنصار ووسط ذهول الصادق المهدي نفسه، والمعروف عن الشهيد المرحوم الشريف حسين الهندي بأنه لا يجاري في السياسة واللعب بالذكاء فيها وحولها.. وجاءت والسودان في حالة أن طلت حكومة الوفاق التي تمثلت في الأئتلاف الثلاثي من حزب الأمة وحزب الاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية، والحال وقتها وصل مرحلة الإنهيار الاقتصادي والذي لم تشهده البلاد من قبل وظل الفساد يزكم الأنوف والصادق المهدي يري ويسمع ويسكت كما سكت من قبل إزاء فضيحة (أم دوم قيت) وفضيحة (اليورانيوم) فقد طال الفساد أعضاء بارزين من حزبه ولم يحرك ساكناً وبدأ الصادق المهدي في مصالحة الدكتور حسن الترابي، ولعله كان يريد أن يمد يده للترابي، كما فعل قبل مايو 1969 مع عمه المرحوم الشهيد الهادي عبد الرحمن المهدي حيث نشرت وقتها في البرلمان أبيات الكندي المشهورة: إن الذي بيني وبين بني عمي لمختلف جداً إن هم أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا وقتها لم تشفع له أبيات الكندي، وظل الصادق المهدي مع خلاف مع عمه حتى استشهد عمه قرب الكرمك عقب أحداث الجزيرة أبا.. ولكن الدكتور حسن الترابي استجاب له ووضع يده في يد الصادق الذي تربطه بالصادق المهدي صلة النسب، إذ أن الترابي متزوج أخت الصادق المهدي.. بعدها أنفرد الصادق المهدي.. في تشكيل حكومة ثنائية بعد إنسحاب الاتحادي الديمقراطي من حكومة الوفاق وذهابه إلى المعارضة عقب اسقاط مبادرة السلام التي وقعها زعيم الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني وجون قرنق في أديس أبابا في نوفمبر 1988م وقد وجد هذا القرار قبولاً عند جماهير الاتحادي الديمقراطي.. لقد نبهنا الصادق المهدي أن يتوقع ويعرف أن الناس تنتظر قريباً فوق كل إعتبار قدوم حكومة وطنية، والناس لا تود أن تسمع المارشات العسكرية والجو ينفتح لكافة الانقلابات وكنا لا نتوقع أن يكون رئيس الوزراء ووزير الداخلية عند حفل معين والجيش يحتل أماكن الخرطوم الرسمية وكان ذلك ليس بالبعيد في يونيو 1989م... ونقولها بصدق وحق أننا إذا رجعنا قليلاً إلى الوراء نعلنها إننا كنا نتوقع من الصادق المهدي الكثير قبل وصوله إلى الحكم فهو قد كان رجل الساحة وفارسها وكنا نتوقع إنه سينهض بالسودان نحو القمة، وليس هنالك وقتها من ينافسه بعد تساقط العمالقة من السياسيين خاصة وأن معظم القيادات الواعية المحنكة قد خطفها الموت، إبان حكم المرحوم«نميري» رغم أنه تلوث بمايو حتى النخاع ورغم النصح الذي أسداه له المرحوم الشريف حسين الهندي، بأن لا يصالح ولا يهادن ولايفاوض ولكنه صالح وهادن وفاوض ومع ذلك غفر له الناس هفواته واستبشروا خيراً به وامامهم قول المسيح (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر)... ولي كلمة واحدة للصادق المهدي وهي- أن يفسح الطريق ويفتح الأبواب للشباب داخل حزب الأمة، ونعرف أن الكبار بحزب الأمة متمسكة بالقيادة، ولكن الشباب هم قادة المستقبل القريب.