فى الآونة الأخيرة إنفجر سؤال بين المفكريين والاكادييمين والسياسيين عن كيف يحكم السودان؟ كيف يحكم السودان ؟؟ أحدث عنوان لسفر البروفيسور الساعوري استاذ العلوم السياسية وملازم لنظام حكم امتد لربع قرن الا قليلاً وهو بمؤلفه يوثق لسؤال تناوله البروفيسور فضل الله على فضل الله من قبل على استحياء والسؤال مؤشر لحجم الأزمة التي تعيشها بلادنا، وصدمة للبوربون والفلانجست الذين يطربهم ويغريهم سؤال من يحكم السودان كيف يحكم السودان؟ هل كان علينا وعلى المفكريين من جيلنا أن ننتظر ستون عاماً بعد الاستقلال لطرح سؤال كيف يحكم السودان والبحث عن الاجابة بعد التجارب المتعددة لافكار وأنظمة وحكومات أودت بنا الى ركام الخراب الذى أضرّ الوطن فقدنا ثلثه واتون الحرب الأهلية تلهب ثلثه الثاني، والحيرة تعصف بما تبقى.. ومن ثم شرعنا نسأل عن الهوية وعن نظام الحكم والادارة وكيفية الحفاظ على ثروات الوطن وحدوده.. كيف يحكم السودان؟ جيل الآباء المؤسسيين الذين حققوا الاستقلال بنضالهم وكفاحهم أرسو قيم التضحية من أجل الحرية والوطن وجيلنا جيل الخمسينيات لم يعرف ساحات المجد والبذل لأجل هدف مقدس في التصدي لمستعمر غاصب أو مواجهة غازي دخيل، استهللنا عهدنا بالشدة على أنفسنا في حرب أهلية متطاولة فتحت علينا أبواب الوهن وضنك العيش وعانينا من القوة والعنف بأنظمة الحكم المتضادة من طائفية الى يسارية متطرفة الى عقائدية عضود. كيف يحكم السودان؟ لنصدق الاجابة في كيف يكون السودان بحدوده السياسية الحالية..؟ فقد اتضحت معالمه لأول مرة مع الغزو التركي، وجاءت مكونات هذا الوطن من سلطنات وممالك متوازية تتقوى لفرض هيبتها.. وتمددت في رقعة السودان الآن، وتداخلت مع دول الجوار التي تحيط به -- بالغزو الخارجي وبقوة السلاح صنعنا حدودنا الحالية و الثورة المهدية لم تتوقف لصياغة الدولة القطرية وقوميتها وأخذت بعالمية الدعوة وتطلعت لامة الاسلام، وقبل رحيل المستعمر نبتت الطائفية والاحزاب المستلبة والمشدودة الى التغريب والتمصير.. كيف يحكم السودان؟ لنتمعن في الأسباب التي صنعت هذا الواقع من عدم الاستقرار السياسي وغياب التنمية والنزاعات المسلحة المتسلسلة، والتصويب الاحتجاجي نحو المركز، وتنامي الجهوية والعنصرية والقبلية والاستيلاءات على السلطة بالانقلابات العسكرية، ونهج العنف بديلاً للقبول بالآخر والحوار المنتج بديلاً للقهر والهروب من الوطن، وضعف الانتماء، وسيادة ثالوث الفقر والجهل والمرض. كيف يحكم السودان؟ الأنظمة التي توالت على الوطن صنعت الأزمات فالحزبية لازمها وهن النشأة ومظاهر الديمقراطية البادية عليها تتستر خلفها.. تسلط الطائفية الأبوية والمشيخية واستغلال بساطة المريدين.. والانظمة الناتجة عن الانقلابات العسكرية فرضت رؤاها بالقهر والاستبداد ومهدت الساحة لمنهج التمرد والعنف المضاد لإيجاد مساحة للآخرين لنيل حقوقهم الانسانية كمواطنين، ورفعوا عبارات المشاركة في الثروة والسلطة والتنمية المتوازنة وغيرها من شعارات التهميش كيف يحكم السودان؟ بالبحث عن الأسباب الجذرية المتمثلة في محاور الاجماع السياسي، من ثقافات وسبل كسب العيش والموروثات والبئات والأعراق المتنوعة والاسباب الثانوية التي أدت الى اندلاع النزاعات المسلحة في أطراف السودان، ونتائج مفاوضات السلام بين الحكومة والأطراف الاخرى.. ومجموعة المطالب التي تم طرحها على الطاولة، وتلك المختلف عليها وطرحها لعلماء متخصصين لوضع مؤشرات الحلول.. كيف يحكم السودان؟ بدستور توافقي ديمقراطي يلبي طموحات اهل السودان يستلهم تاريخهم وتنوعهم الثقافي ويخاطب الحداثة في الفكر الانساني في تعزيز وضمانة حقوق الانسان الذي يوفر الحريات الاساسية للأفراد والجماعات والكيانات - دستور يحدد نظام الحكم والادارة ويبسط للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسكان الحضر والريف، ويحسم جدل الهوية والانتماء لتوطيد الوحدة، والتعايش والتداول في شؤون الحكم كل ذلك بالحوار الشامل الذي لا يقصي ولايستضعف جماعة أو جهة، ويمثل كل المجتمع السوداني لكي يكون السودان للجميع.. ولله الحمد