منذ السادس من اغسطس الماضى احتجز ثلاثة وثلاثون عاملاً من عمال المناجم فى تشيلى فى قاع منجم سان جوزيه للذهب والنحاس يبلغ عمقه 700 متر والواقعة التى هى أقرب للخيال أثارت انتباه العالم وشد الصحفيون الرحال الى تشيلى وجاءوا من جميع انحاء العالم ليسجلوا فصول هذه المسرحية المثيرة ذات الفصول المشوقة والأبطال ال33 الذين فاقت شهرتهم شهرة لاعبى فريق تشيلى فى مونديال جنوب أفريقيا . اهتمت وسائل الإعلام فى تشيلى وكذلك وسائل الاعلام الدولية بالروايات التى يحكيها العمال المحتجزون من خلال الاتصالات التى تتوفر لهم ولفترات محدودة مع أسرهم . واستفادت الحكومة من هذه الكارثة لترفع شعبيتها التى هبطت قبل شهر أغسطس الى ادنى درجاتها وغدا وزير المناجم فى تشيلى شخصاً محبوباً وازدادت شعبيته بعد أن نقلت وسائل الإعلام صورته وقد نزلت دمعة منه ووجد رئيس البلاد بينيرا تقدير واحترام شعبه لاهتمامه بالعمال المحتجزين ومتابعة ترتيبات انقاذهم أولا بأول . العمال المحتجزون أظهروا شجاعة ورباط جأش وبث التلفزيون التشيلى صوراً لهم بدأوا فيها هادئين ومنظمين بعد ثلاثه أسابيع من احتجازهم . الطعام والماء كان يصل إليهم بواسطة كبسولة وكذلك الاسعافات الأولية وغيرها من مطلوبات الحياة الأساسية أول أمس الأربعاء تم وحتى منتصف الليل بتوقيت السودان انتشال حوالى العشرين محتجزاً وذلك باستخدام كبسولة تشبه المصعد وقد قوبل الذين تم اخراجهم بأهازيج الفرح من قبل أسرهم والحكومة التشيلية فى حضور قرابة الألفى صحفى جاءوا لتغطية خواتيم العملية . بعض وسائل الإعلام العربية والدولية اطلقت على هؤلاء العمال المحتجزين أهل الكهف . وقصة أهل الكهف قصة قدرة الله سبحانه وتعالى وحده التى لاتحتملها عقول البشر فى أن يبقى الله سبحانه وتعالى هؤلاء الفتية من أهل الكهف على قيد الحياة سنين عددا لاتتوفر لغيرهم من البشر ولايرى الخالق عز وجل فى ذلك عجباً «أَمْ حسِبْتَ أن أصحاب الكهف والرَّقيم كانوا من آياتنا عجباً (9) إذْ أوى الفتيةُ إلى الكهف، فقالوا: ربنا آتِنا من لدُنك رحمة وهيِّىء لنا من أمرنا رشَداً (10) فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً » (11) سورة الكهف ولايجوز لكائن أن يقارن بين قصة احتجاز عمال أثر إنهيار منجم مع قصة فتية فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه فهربوا منهم فلجأوا الى غار فى جبل ليختفوا عن قومهم سائلين الله رحمته ولطفه بهم .القصة هنا لفتيان شهد الله تعالى لهم بالإيمان وزادهم هدى قصة من يتمسك بدينه فيهجر دياره ويهاجر الى ربه وهو على يقين أن الله ناصره وباسط عليه رحمته وساتره بها من جور قومه كما يشير الى ذلك الإمام ابن كثير فى تفسيره قصة أهل الكهف معجزة وآية من الأيات العظيمة التى يجب أن نتدبرها ونستلهم منها العظات ولايجوز لنا أن نضعها موضع المقارنة مع منجم سان جوزيه فى تشيلى رغم لطف الله بخلقه الذى تمثل فى إبقاء هؤلاء العمال على قيد الحياة لسبعين يوماً فى باطن الأرض . ثمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى(13) سورة الكهف . جمعة مباركة