م / عمر البكري أبو حراز : دعنا لا ننظر إلى الماضي بغضب ولا المستقبل بخوف بل ننظر حولنا بوعي.) جيمس ثيربر- كاتب. صعب شيء يمكن تعلمه في الحياة هو أي جسر تعبر وأي جسر تحرق.) دايڤيد رسل- فيلسوف. أكثر الأسئلة إلحاحاً في الحياة هو ماذا أنت فاعل للآخرين) مارتن لورثر كنج- سياسي وقائد ثورة الزنوج في أمريكا. يمكن أن نرى علاقة وتطابق واقعنا الآن في السودان بهذه الحكم الثلاث من خلال المعادلات الثلاث التالية: 1. حكومة الانقاذ+ 52 سنة+ خبرة+ حروبات+ تدهور اقتصادي= قوة- إستنزاف. 2. حروبات أهلية+ استجابة سلبية للحوار الوطني= الفوضى الخلاقة+ موت+ دمار. 3. الفوضى الخلاقة+ الأيدي الخفية= إنهيار الدولة+ تقسيم السودان. لذلك إذا أعملنا عناصر المقولات الثلاث في واقعنا الحالي يمكن أن نختصر الثلاث معادلات المزعجة في معادلة واحدة ودية، عملية ومرغوبة لكل ذي بصيرة ثاقبة متجرد من كل شيء إلا حب السودان وأهله الطيبين. من المقولة الأولى إذا تناسى الخصوم مرارات الماضي، وترك المعارضون النظرة المستقبلية المتوجسة، ونظر الجميع خصوماً ومعارضين وجالسين على الرصيف الى ما يجري حولنا بوعي فسوف يتداعى الجميع إلى التقاط مبادرة الرئيس ودعوته للحوار الوطني الجامع.. لأن مبادرته تنطوي على نداء صادق لتصحيح كل أخطاء الخمسة وعشرين عاماً الماضية بشرف وعزة دون انكسار أو ضعف. ومن المقولة الثانية للفيلسوف دايڤيد رسل وبإعمال عناصر الحكمة الأولى سوف نختار وبالضرورة عبور الجسر الصحيح ونحرق الآخر المؤدي إلى الفوضى والموت والدمار والتشظي. الجسر الصحيح الذي ينتشل السودان ويعبر به إلى سودان الأمن والأمان والاستقرار والرفاهية لشعبه كما كان في السابق. المقولة الثالثة للسياسي الأمريكي الزنجي الشجاع مارتن لوثر كنج هي المظلة التي إذا سرنا تحتها نسمو عالياً فوق المصالح الشخصية والنزوات الفردية التي يكتوي بنارها البسطاء الأبرياء المسالمين من مواطنينا فقط، ونحن كقيادات بعيدين عن نيرانها الحارقة متكئين في سرر وثيرة في المكاتب والمنازل وفي الفنادق العالمية الفخمة، ننعم بما لذ وطاب من أكل وشرب بكل أنواعهما. وكلمات مارتن لوثر هذه كأنه استمدها من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول..» نحن كمسؤولين يجب أن نتذكر دائماً ماذا نحن فاعلون برعيتنا- هل نرمي بهم إلى التهلكة أو ننتشلهم إلى بر الأمان- هل نحفظ السودان لهم واحداً متماسكاً آمناً ينعمون بخيراته- كما كان في السابق- أم ننساق وراء مخططات الفوضى الخلاقة اللئيمة المرسومة بأيادٍ خفية لتدمير العالم الإسلامي، ورسم خارطة جديدة للشرق الأوسط لصالح إسرائيل بعد اكتمال حلقات الفوضى الخلاقة، والتي شارفت على نهاياتها في العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، ومتجهة الآن وبسرعة فائقة نحو السودان، والذي انقسم بعد فوضى خلاقة وحروب في الجنوب في العام 1102م، والمخطط يمضي لتقسيم السودان أكثر إبتداءً من الغرب في دارفور وكردفان، وما الحروبات القبلية الأخيرة إلا تأكيد على ذلك.. عدد الموتى في الصراعات القبلية وآخرها الاسبوع الماضي بين المعاليا والرزيقات في ثلاثة أعوام من 1102 إلى 4102 يفوق عدد الموتى في صراعات قبلية محدودة جداً وغير سياسية عشرة أضعاف موتى الصراع القبلي منذ الاستقلال في 6591- أي أن عدد الموتى في ثلاث سنوات يساوي عشرة أضعاف عدد الموتى في ثمانية وخمسين عاماً.. لماذا كل هذا الموت وفي هذا الوقت بالذات- إنها جزء من مؤامرة الفوضى الخلاقة. أعود من حيث ما بدأت وأقول إنه وبإعمال عناصر المقولات الثلاث في المعادلات الثلاث يمكن اختصار الثلاث معادلات في معادلة واحدة هي: حكومة الإنقاذ+ الحوار الوطني الصادق= الاستقرار+ السلام+ سودان واحد- الفوضى القاتلة= حكومة قومية+ دستور دائم. وهي بكل هذه البساطة ميسور تحقيق المعادلة الواحدة هذه- وعلى كل المجموعات المحاربة والمعارضة أن تدرك أن النظام الحالي وهو يقدم هذه المبادرة في حالة قوة ومحمي حماية تامة بجيش قوي متماسك يعد من أحسن وأقوى الجيوش في المنطقة، وهو متفوق في عدده وعدته وعتاده على كل جيوش الحركات المسلحة، قطاع الشمال وحتى دولة جنوب السودان ونظام مدعوم بأجهزة أمن واستخبارات ذات كفاءة عالية وايمان عميق ترصد بدقة ومهنية عالية كل تحركات الأفراد والدول المجاورة وغير المجاورة، وأن تدرك أن أي محاولات في ظل هذه المعطيات لن تنجح إلا في خلق فوضى خلاقة تقضي على الأخضر واليابس قبل إسقاط النظام.. وعندها لن يجد هؤلاء الثائرون وطناً يحكمونه كما حدث ويحدث الآن في ليبيا، اليمن، سورياوالعراق.. من الجانب الآخر على الحكومة أن تدرك أن الجيش القوي لن يستطيع إخماد حروبات العصابات (غوريلا) نهائياً إذ أن طبيعة حرب العصابات- أضرب وأهرب يصعب فيها تحديد الأهداف بالنسبة للجيوش النظامية وتؤدي في النهاية إلى إنهاك الأنظمة واستنزاف الموارد ومعاناة المواطنين- أمريكا بكل قوتها فشلت في تحقيق نصر نهائي في حروب عصابات في ڤيتنام، الصومال وأفغانستان والتاريخ يقول إن كل حروب العصابات انتهت بمفاوضات، لذلك على المعارضة في السودان بشقيها العسكري والمدني أن لا تعول على إزالة الإنقاذ بالقوة، وكل محاولاتها السابقة في إسقاط النظام باءت بالفشل بل العكس اكسبتها خبرة واستمرارية، وأيضاً على الحكومة أن لا تعتمد على التفوق الحالي في جبهات القتال لأن استمرار حروبات الاستنزاف المعارضة والصراعات القبلية المسلحة لهما أثران جانبيان (side effects) مدمران- واحد تدهور الاقتصاد المؤدي إلى معاناة الغالبية من المواطنين المسالمين غير المعارضين أو الموالين، والتي تجعلهم في حالة من اليأس يقبلون بأي تغيير للنظام حتى وإن كان من الخارج- كما حدث عند بداية سقوط الدولة المهدية تحت قيادة الخليفة عبد الله التعايشي في الأعوام 6981- 8981 عند دخول قوات الانجليز بقيادة كتشنر- واستقبال المواطنين في شمال السودان لهم بكل ترحاب وفرح، بل وانضم سودانيون إلى الجيش الانجليزي وشاركوا في معركة كرري عام 8981 والتي اسقطت حكم الخليفة عبد الله- الأثر الثاني هو معاناة المواطنين في مناطق العمليات العسكرية ونزوحهم المستمر وموتهم، والتي ستدعم خطط المؤامرة الكبرى باسقاط الحكم بتدخل أممي تحت ذريعة حماية الأبرياء الضعفاء، التطهير العرقي، القتل الجماعي، النزوح المستمر خاصة ونحن في كثير من قرارات الأممالمتحدة تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي يaتيح التدخل العسكري في أي وقت، وهذا كله يصب في جوهر مخططات الفوضى الخلاقة لإعادة ترتيب الدول وتقسيمها إلى دويلات صغيرة ضعيفة. لذلك من الواضح أن طرفي الطاولة حكومة ومعارضة ستطالهم مخططات الأيدي الخفية والتي في النهاية تقضي على النظام أولاً وتستمر الفوضى الخلاقة أكثر ضراوة لتحرق الثوار الذين انجروا وراء المخطط بدون وعي بهدف واحد فقط هو إسقاط النظام، وهم لا يدرون أن طاحونة وساقية الفوضى الخلاقة سوف تستمر (مدورة) حتى تقضي عليهم فيما بينهم كما يحدث الآن في ليبيا.. يجب علينا أن نستمع إلى صوت العقل في الحِكم الثلاث تلك وهي عصارة تجارب مريرة لهولاء العلماء.. يجب على الجميع خاصة المعارضة بشقيها التقاط مبادرة الرئيس البشير فهي جادة، صادقة وشجاعة وهي المخرج الآمن لنا من مستنقع الفوضى الخلاقة، والحكومة جاهزة وجادة في تصحيح الأخطاء بشرف وعزة وقوة والمثل الانجليزي يقول لا تدفع حظك (Dont Push your Luck). والله الموفق