تعتبر خطوة الحكومة الأخيرة بإغلاق المركز الإيراني الثقافي بالخرطوم وفروعه بالبلاد أول خطوة علنية على التمدد الشيعي في البلاد الذي بدأ قبل نيف وعشرين عاماً، وعزيت للخطر الأمني والاجتماعي الذى بات يهدد البلاد، ويرتاب مراقبون كثر من الخطوة وتأثيرها على العلاقات الثنائية بين الخرطوموإيران خاصة أن أحد أسباب طرد المستشار وإغلاق المركز يرجع لأسباب دبلوماسية وخرق الأخيرة لاتفاقية ڤينا للعلاقات الدبلوماسية، بينما يرى آخرون أنها خطوة نحو التقارب مع محور الخليج العربي المتمثل في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. والثابت أن عدداً كبيراً من المسؤولين في الحكومة تحفظوا على التقارب السوداني - الإيراني في الفترة الأخيرة رغم أن الأولى لم تستفد كثيراً من الأخيرة، فالدكتور مصطفى عثمان إسماعيل أحد حمائم المؤتمر الوطني يرى مثلاً أن أمن المملكة العربية السعودية من أمن السودان ولن نتوانى في اتخاذ الإجراءات من أراضينا ضد المهددات، كما أن هناك عدداً من الأحزاب السياسية تعترض على العلاقات السودانية الإيرانية كالحزب الاتحادي الديمقراطي الذي تحفظ كثيراً على التقارب. ومع أن ثمة اعتقاد بأن هناك علاقات حميمة بين الخرطوموطهران، لكن المتتبع لهذه العلاقات يجد أنها غير قائمة على مصالح حقيقية، صحيح أن إيران دولة صديقة للسودان، لكن علاقتهما ليست لها خصوصية كبيرة. وظلت الديون الإيرانية المترتبة على السودان تشكل عقبة كبيرة أمام قيام علاقة اقتصادية أكبر، إذ تعسر السودان في دفع الديون وحاول جدولتها وسدادها، إلا أن طهران ظلت تشترط دفع هذه الديون قبل تنفيذ أي مشروعات جديدة، كما أن هنالك توتراً وقطيعة أمريكية لكلا البلدين. تضاربت الأقوال حول عدد المراكز ما بين خمسة أو ستة إلا أن دورها بات يمثل تهديداً. يقول السفير يوسف الكردفاني المتحدث باسم وزارة الخارجية إن المراكز أنشئت في إطار التعاون الثقافي بين البلدين بما فيه تعليم اللغة الفارسية، ونظراً لتجاوزها التفويض والاختصاصات الممنوحة لها، فقد شعر السودان بأنها أصبحت تشكل تهديداً فكرياً واجتماعياً، مشيراً إلى أن نشاطاتها توسعت كثيراً في البلاد . وأن المركز الإيراني الثقافي بالخرطوم وفروعه بالبلاد خرقت اتفاقية ڤينا للعلاقات الدبلوماسية مما استدعى إغلاقها وطرد المستشار الثقافي من البلاد، وقال إن السودان ظل يتابع نشاط المراكز الإيرانية وفروعها بالبلاد، وتأكد له مؤخراً تجاوزها للتفويض والاختصاصات الممنوحة لها والتي تحدد الأنشطة التي يخول لها القيام بها، لافتاً إلى أنها أصبحت تشكل تهديداً للأمن الفكري والأمن الاجتماعي، وأشار بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية إلى أن المراكز تتبع لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فقد كان من الطبيعي أن تلتزم بقواعد العمل الدبلوماسي وفق ما نصت عليه اتفاقية ڤينا للعلاقات الدبلوماسية، معرباً عن أسفه بأن المركز لم يراعِ ذلك في عمله مما تطلب استدعاء القائم بالأعمال بالإنابة لسفارة إيرانبالخرطوم أمس الأول، وتم إبلاغه بقرار إغلاق المركز الثقافي وفروعه المختلفة وإمهال المستشار الثقافي الإيراني والعاملين في المركز 72 ساعة لمغادرة البلاد. ولكن هل المد الشيعي أم إصلاح العلاقات السودانية العربية التي توترت مؤخراً بسبب المحور الإيراني وعلاقته المتوترة مع دول الخليج، أحد دواعي اتخاذ الخرطوم للخطوة، أم أن هنالك خطوة سياسية تتبعها؟!