الحبيب الغالي جداً.. باشمهندس.. وديدي أشواقي لك لم تفتر.. لمجالسك العامرة.. لأنسك الرائع.. لروحك السمحة.. لمفرداتك الأنيقة الباهرة.. لأدب الخلاف الرفيع الذي تعتمره دثاراً وإزاراً.. رغم تطاول الأيام لا شيء منك.. هل أغفرت جداول الكلمة.. أم لعل.. لا يهم.. المهم أنك أسير جداً عندي.. تطربني أخبارك الطيبة.. انتشي بفرح طفولي لحظة اسمع عنك.. ثم.. «الليلة» الخميس.. الذي كنت أن طلبت الإذن من أحبابي وقرائي أن يكون يوماً خالياً من السياسة.. آليت على نفسي أن يكون الخميس من كل اسبوع هو يوم هدنة مع الأحبة في الإنقاذ.. أعلن فيه هدنة من جانبي ولا بأس من بعض إطلاق نار متقطع.. ولكن ما زال المشوار طويلاً.. طويلاً.. طويلاً.. بل مستحيلاً مستحيلاً.. مستحيلاً.. بأن نطبع معهم بالحروف الأولية.. اليوم دعني «أتونس» معك.. ولكن ليس بعيداً عن حدائق الشدو الأنيق والغناء البديع.. صديقي.. كانت آخر كلمات لك عبر «الإيميل» الموجهة لي والتي كان محتواها دعوة أنيقة وفارهة.. ومبطنة.. أو آملة.. أو حالمة.. بأن نوسع أو نمدد صفنا.. صف الجوع الكافر قليلاً حتى يسع وافدين أو ملتحقين جدد.. هنا استدعيت من الذاكرة.. أو من صفحات التاريخ.. أو من واقع لا يكذب ولا يتجمل.. أن أصور في مهارة.. وفي صدق يليق بالكاميرا أو القلم.. أو صفحات الكتب.. صفنا.. صف الجوع الكافر.. وسؤال.. لماذا يا وديدي كل المبدعين من بين صفوفنا.. لماذا كل الذين يكتبون عن الوطن في حب جارف وعاصف من بين صفوفنا.. إنهم شعراء.. يمتازون عن كل أقرانهم ونظرائهم بأنهم وحدهم الذين تنبهم تماماً الحدود بين الحبيبة والوطن.. تذوب الحبيبة تماماً في الوطن.. ويذوب الوطن تماماً في الحبيبة.. عندما يأتي الوطن أو ذكرى الوطن.. تأتي معه في اللحظة واللمحة والثانية الحبيبة.. «يعجنون» الوطن والحبيبة حتى يصبح عجين الوطن والحبيبة كتلة واحدة.. ثم عندما تتمدد الحبيبة في فؤاد نازف أو معربد أو بهيج.. يأتي الوطن مسرعاً ليشاركها «التمدد» في التحام و«لحام».. مثلاً.. هاك محجوب شريف.. يكتب «مخفوراً» وسط حراس أشداء للحبيبة وهو مساق للمعتقل.. يكتب محطة.. محطة بتذكر عيونك ونحن في المنفى وبتذكر مناديلك خيوطها الحمراء ما صدفة.. وبتذكر سؤالك لي متين جرح البلد يشفى متين تضحك سماء الخرطوم حبيبتنا ومتين تصفى سؤالك كان بعذبنا ويقربنا ويزيد ما بينا من إلفة ونذهب صديقي إلى «الدوش».. بح صوته وهو ينادي الحبيبة.. وراح «يفتش» لها ولكن أين.. هاك عيون الحبيبة.. وهاك الوطن ولما تغيب عن الميعاد.. بفتش ليها في التاريخ.. واسأل عنها الأجداد.. بفتش ليها في اللوحات.. محل الخاطر الما عاد.. وفي الأعياد وفي أحزان عيون الناس.. وفي الضل الوقف ما زاد.. صديقي.. هل هناك فرق.. بين الحبيبة والوطن.. هل هناك فرق بين الثورة والوطن.. هل هناك فرق بين «التقدم» والضل الوقف ما زاد؟؟ لك حبي