ونقول لأحبابنا في الإنقاذ سمعاً وطاعة.. نلتزم بالأوامر حرفاً.. حرفاً.. لن نكتب كلمة.. أو حرفاً.. أو نقطة أو شولة.. عن قضية مكتب الوالي.. ولا حرفاً عن موضوع وكيل العدل.. ولا حرفاً عن صادق المهدي حبيساً أو طليقاً.. ولكني لن أكتب مثل صديقي وأستاذي زهير السراج.. وقصة «زهير السراج» هي أنه وقبل سنوات كانت قد صدرت قائمة تمنع الكتابة عنها.. عندها.. انتبذ الأستاذ زهير ركناً قصياً ولكن في «المطبخ» فكتب بالتفصيل عن كيف تطبخ «حلة بامية مفروكة».. أنا سأكتب في فرح معربد.. في طلاقة طير طليق.. في زهو الأطفال في العيد عن ثلاثة من أحبتي.. وأصدقائي.. وأساتذتي.. الذين وهبهم الله ملكة وإبداع رص الحروف لتخرج للناس روائع وبدائع.. وجداول وسلاسل من شعر رصين.. وأنيق.. وبديع.. مقاتل.. مصادم وجسور.. عند هؤلاء يكتبون القصيدة.. وهي تحمل كل خصائص.. «السنابل والقنابل».. والذي يدهشني حد الدهشة أنهم تمتزج عندهم المحبوبة بالوطن.. ويمتزج عندهم الوطن بالمحبوبة.. في كل قصيدة لهم للوطن تأتي مسرعة.. بل لمح البصر المحبوبة.. وعندما يكتبون للحبيبة يأتي في سرعة هوج الرياح الوطن.. بكل أفراحه بكل أحزانه.. بكل أشجاره.. بكل أحجاره.. بكل «ناسه».. في يقين لا يخلخله ظن.. و في ثقة لا يخلخلها شك.. إنهم لا يفرقون مطلقاً بين المحبوبة والوطن.. هم الراحل الساكن في أرواحنا.. محجوب شريف.. والذي صعد إلى أعلى وهو قطعاً وصدقاً وحقاً.. يسكن معنا.. يحدثنا.. ويبكينا وأحياناً يسعدنا ويضحكنا.. وهاشم صديق ذاك الذي لا يرى الحبيبة إلا من خلال الوطن.. ولا يرى الوطن إلا وهو محمول على كفوف الحبيبة.. نذهب أولاً إلى محجوب شريف.. في أناقة وصرامة.. وحنية.. ووفاء يكتب إلى المحبوبة.. لا يكتب لها وهو حر طليق.. ولا مستلقياً على روعة العشب الأخضر.. تحفه الأزاهير وتتفتح من حوله الزنابق.. لا يكتب لها وهو مسترخي وأمامه «كباية شاي منعنع» الذي يحبه كثيراً.. يا لروعة محجوب.. يكتب للحبيبة وهو رهن الاعتقال.. يكتب لها مخفوراً ومحاطاً.. وهو على مرمى نظر السجان أو حتى غلظة السجان.. يكتب لها وهو في طريقه إلى المنفى.. تعالوا.. لتروا الوطن ملتحماً مع المحبوبة.. وتعالوا لتروا الحبيبة وهي تذوب تماماً في تفاصيل الوطن محطة.. محطة بتذكر عيونك ونحن في المنفى وبتذكر مناديلك خيوطها الحمرا ما صدفة بتذكر سؤالك لي متين جرح البلد يشفى متين تضحك سما الخرطوم حبيبتنا ومتين تصفى سؤالك كان بيعذبنا ويقربنا ويزيد ما بينا من إلفة سؤالك كان بزيدني حماس وكم في قلبي دق نحاس وطار من عيني باقي نعاس ونحن اتنين بنتقاسم هموم الناس ولو في يوم رميت سيفي ورفعت إيدي وخنت الثورة جيت والذلة في عيني حرام عيونك يناغموني ويرحبوا بي حرام ايديك ينومن تاني في إيدي بس لكن يا ويلي أقبل وين وأقول يا منو لمن أخون صباح العين وأخون جيلي أعاهدك يا قمر ليلي وحاة أمنا الخرطوم أشيل شيلي وأموت وأقف على حيلي وأقول ليك يا أعز الناس على الوعد القديم جايين ما بين الثورة والسكين ثوريين حتى الموت ثوريين قنابل وين بتمنعنا العديل والزين قنابل وين بنادق وين.. سلام عليك يا محجوب.. حزناً عليك يا محبوب.. فخراً بك يا محجوب